الثورة – ميساء العلي :
مع نهاية عام 2009 أصدرت وزارة الاقتصاد حينها قراراً بتحديد أسماء رؤساء 68 مجلساً للأعمال السورية المشتركة مع دول عربية وأجنبية وفق شروط حددتها رئاسة مجلس الوزراء ، ومع دخول الحرب على سورية ببداية 2011 تم تجميد تلك المجالس في العام الذي يليه، اليوم ومع قرار مجلس الوزراء بتشكيل لجنة إشراف ومتابعة لأعمال ونشاطات مجالس الأعمال السورية المشتركة مع الدول الصديقة برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وعضوية غرف التجارة والصناعة بهدف تحقيق الاستفادة الكاملة من هذه المجالس في التنمية الاقتصادية وزيادة التبادل التجاري وإقامة مشروعات استثمارية مشتركة ، ثمة تساؤلات عديدة عن دور تلك المجالس بعد عودة عدد منها وليس أخرها مجلس الأعمال السوري الجزائري في إيجاد قنوات تصدير واستيراد بظل الحصار الاقتصادي الجائر على سورية ، وكيف يمكن تفعيل عملها بعد تشكيل لجنة إشراف على عملها ؟
انتقادات عديدة وجهت لتلك المجالس التي لم تستفد من فترة الازدهار الاقتصادي قبل الحرب لبناء علاقات اقتصادية قوية يستفاد منها في زمن الحرب والحصار ، وجل ما فعلته ” تمشية المصالح الشخصية ” ليقتصر دورها على مجرد العلاقات العامة ، فلم نسمع على سبيل المثال عن مجلس ما أفرد لنا أرقاما عن حجم التبادل التجاري وما هو حجم السوق الذي استفاد منه بالبلد الشريك والكثير الكثير ، وكل مطالباتهم مزيدا من الدعم الحكومي ، فرسم السياسات الاقتصادية الخارجية لسورية ليست مهمة الحكومة فقط وإنما يفترض أن تشاطرها تلك المجالس ذلك الدور فهي ترافق كل الوفود الاقتصادية الرسمية في زياراتها وأنشطتها الخارجية وعلى أعلى المستويات لذلك لابد أن تلعب دورا لافتا في تنشيط العلاقات البينية من خلال العلاقات الشخصية لرفع حجم التبادل التجاري مع الدول التي تنشط فيها ومعها
أسئلة عديدة طرحناها عن دور مجالس رجال الأعمال بالحصار المفروض على اقتصادنا وهل استطاعت كسره وهل لدينا بالفعل بيئة أعمال قامت بدورها كشريك وطني ؟
جهود ومبادرات فردية
وزيرة الاقتصاد السابقة الدكتورة لمياء عاصي قالت في حديث خاص للثورة إن مجالس رجال الأعمال تم تشكيلها مع نهاية العام 2009 حيث قام البعض منها بنشاطات مختلفة في عام 2010 من خلال زيارات مرافقة للوفود الحكومية ومن ثم بدأت الأزمة وتم تجميدها في لعام 2012 ، ولم تكن البنية القانونية لمجالس رحال الأعمال تساعدهم على تخفيف آثار العقوبات أو الحصار المفروض على سورية ، ورغم ذلك بقيت هناك جهود ومبادرات فردية لبعض التجار من خلال قيامهم بالاستيراد والتصدير بأسمائهم الخاصة وليس كمجالس رجال أعمال .
وأضافت أن الدور المرجو من تلك المجالس المساهمة بتنمية العلاقات التجارية استيرادا وتصديرا ومقايضة مع البلدان المختلفة والعمل على نقل وتوطين التكنولوجيا المتطورة إلى سورية .
نص قانوني
عاصي حددت بالمقابل المطلوب من الحكومة لدعم هذا القطاع وذلك من خلال تصميم تلك المجالس بما يساعد على تنفيذ تلك المهمة والرؤية لذلك وقبل كل شيء لابد من أن يصدر نص تشريعي لتحديد مهمة وآليات عمل تلك المجالس ورسم هيكليتها القانونية وهيئة الإشراف على عملها التي صدرت بقرار حكومي منذ يومين بحيث تمنح بعض الصلاحيات التي تمكنها من القيام بعملها حسب النص القانوني بالإضافة إلى صياغة نظام داخلي يضبط وينظم علاقتها وارتباطها بهيئة الإشراف على عملها وعلاقة الأعضاء المنتسبين بمجلس الإدارة ، مشيرة إلى أنه عندما تم تشكيل مجالس الأعمال في العام 2009 كان هناك العديد من المشاكل ، إذ لم يتم النظر إلى الجهة المقابلة في البلد النظير فعلى سبيل المثال من الجانب الصيني يجب على مجلس الأعمال الصيني في سورية التوجه إلى كل الشركات الصينية التي تعمل في مجالات معينة ومهمة بالنسبة للاقتصاد السوري ، وهذه مهمة صعبة وتحتاج الكثير من الجهود والصلاحيات القانونية التي تجعل مثل هذه الجهود مثمرة .
توءمة
وأضافت أن المصالح الفردية لا تصلح دوما لقيادة وتوجيه المصلحة العامة والتوءمة بين الجهات الحكومية ( القطاع العام ) والقطاع الخاص والعمل بشكل وثيق هو الأنجع والمثمر الذي يجب البدء به على الأقل في عدد من الدول الهامة كالصين وماليزيا وغيرها من الدول الآسيوية والتمكن من إقامة تحالفات اقتصادية في ظروف تحتاج سورية كثيرا لمثل تلك الترتيبات والتعاون الجماعي .
لا يمكن تعميمها
ورأت عاصي أنه لا يمكن التحدث عن بيئة أعمال تتمتع بالمنافسة في ظل ظروف اقتصادية كالتي تعيشها سورية بعد حرب استمرت أكثر من عقد ولم تنته بعد ، والقطاع الخاص مثل كل القطاعات في الحرب هناك حالات فردية كانت مؤثرة في القرار الحكومي وهي حالات فردية وخاصة لا يمكن تعميمها .
الدور المأمول
وبالعودة إلى اللجنة التي تم تشكيلها للإشراف على تلك المجالس أكدت وزارة الاقتصاد على أهمية هذه اللجنة في تطوير وتفعيل دور القطاع الخاص
وتعزيز وتطوير علاقاته الخارجية في مجمل الحياة الاقتصادية لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية وإقامة المشاريع الاستثمارية المشتركة وتعريف قطاع الأعمال بالإمكانيات الأقتصادية والتعاون المتبادل في مجال تبادل المعلومات والزيارات وإقامة المعارض والأسواق التجارية .
اقتصادي: غير فاعلة
أحد الاقتصاديين اعتبر أن مجالس رجال الأعمال لم يكن لها دور فاعل ومؤثر خلال الحرب لكن ينتظر منها أن تكون فاعلة ومؤثرة من خلال الاستفادة من تحسن العلاقات السياسية التي ستنعكس على الاقتصاد لذلك لابد أن تلعب دوراً مهماً وألا تبقى مجرد أسماء لامعة وألقاب فقط تظهر عبر وسائل الإعلام.
متبادل
من جانبه رئيس مجلس رجال الأعمال السوري الجزائري الذي تم تشكيله مؤخرا خالد زبيدي رأى أن الوقت اليوم مناسب للترابط بين الدولة ورجال الأعمال ليساهموا بكسر الحصار الاقتصادي على سورية ، لافتا إلى الدور الذي تقوم به الحكومة لدعم هذا القطاع ، لكن من المفترض أن يكون الدور متبادل بمعنى أن يكون هناك دعم من قبل رجال الأعمال للدولة ، خاصة وأن الدولة بمفردها غير قادرة على النهوض بالواقع الاقتصادي والمعيشي للمواطن .
قطاع وطني مشترك
وأضاف في حديث خاص للثورة أنه حان الوقت للانتهاء من فكرة القطاع الخاص والقطاع العام والتوجه نحو فكرة القطاع الوطني المشترك .
وتوجه بنداء لرجال الأعمال السوريين في الخارج للعمل مع الدولة خاصة وأن الظروف باتت متاحة لإعادة الإعمار وبناء اقتصاد سوري قوي ، منوها إلى جملة القوانين والتشريعات التي صدرت ومنها قانون الاستثمار الجديد .
خطوة صحيحة
وحول إطلاق المزيد من مجالس رجال الأعمال أفاد أن تلك الخطوة هي المسار الصحيح ولابد من دعمها للقيام بدورها الحقيقي لزيادة التبادل التجاري وخلق استثمارات مشتركة وأسواق جديدة للمنتج السوري .
وتوقع زبيدي أن تكون الجزائر سوق هام للمنتجات السورية لذلك لابد من الاستفادة من البعد الاقتصادي والثقافي لدولة مثل الجزائر وعدم التوقف فقط عند المنتجات بل الاستفادة منها لبناء وإقامة استثمارات في سورية وإتاحة المجال أيضا أمام رجال الأعمال السوريين للاستثمار في الجزائر .
وقال إن الدور الذي يحاول القيام به من خلال هذا المجلس هو تعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين لزيادة حجم التبادل التجاري الذي سينعكس بشكل إيجابي على اقتصادنا .