الثورة- تقرير لجين الكنج
خلافاً لما كان يتوقعه الغرب من وراء عقوباته المتصاعدة، لجهة الإضرار بالاقتصاد الروسي، إلا أن الارتدادات العكسية بدأت تصيب الشارعين الأميركي والأوروبي، حيث أن ازدياد تذمر الأوروبيين من آثار العقوبات عليهم، دفع قبل أيام مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الخارجية جوزيب بوريل، لدعوة الشعوب الأوروبية إلى التحلي “بالصبر الاستراتيجي”، فيما تؤكد وسائل الإعلام الأميركي بأن العقوبات ضد روسيا عبثية ولا جدوى لها، وقد ألحقت أضراراً بالغة ببقية دول العالم أكثر من روسيا.
وفي استطلاع للرأي أجراه مرصد الثروة والرفاهية في بريطانيا، أظهر أن حوالي 38٪ من الناس قالوا إنهم قلقون بشأن أوضاعهم المالية، فيما كشف 36% أنهم يعانون مادياً.
وبحسب صحيفة اندبندنت، قال أكثر من 36٪ من المشاركين في الاستطلاع أنهم يعانون ماديا، وهي أعلى نسبة في الاستطلاع الذي يجريه المرصد في الربع السنوي لكل عام، ضمن عينة من 4000 شخص في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
وكانت صحيفة الغارديان البريطانية، قد كشفت قبل يومين أن البريطانيين الأكبر سناً سيضطرون للعمل بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة في البلاد، وأشارت الصحيفة نقلاً عن مصادر مطلعة أن “المزيد والمزيد من المتقاعدين يشعرون بأنهم أصبحوا أكثر فقراً حالياً من أي وقت مضى، وأن ثقة المستهلك في أدنى مستوياتها على الإطلاق، والقوة الشرائية تتراجع كل شهر”، حيث سجل التضخم السنوي في البلاد في نيسان أعلى مستوى قياسي له منذ آذار 1982.
وفي فرنسا ذكرت صحيفة ليفيغارو أن معظم الفرنسيين يرفضون اعتبار تصرفات شركة “غازبروم” الروسية الجوابية على فرض العقوبات بأنها بمثابة ابتزاز سياسي، كما يصر عليه الساسة الأوروبيون.
وبحسب الصحيفة، أشار العديد من المعلقين إلى أن السياسيين الغربيين، بعد أن وافقوا على فرض عقوبات ضد روسيا، كان عليهم توقع حتمية الرد على مثل هذه الإجراءات الاقتصادية العدائية.
وقال بعض المعلقين: “كيف يمكن لأي شخص أن يتفاجأ من رغبة روسيا في الرد على العقوبات بإجراءات مضادة والتذمر عندما يتم فرض قيود عديدة عليها، ناهيك عن توريد الأسلحة على نطاق واسع لأوكرانيا؟”.
وقال البعض الآخر: “أين هي حصافة وسرعة بديهة الاستراتيجيين الأوروبيين، الذين تفاخروا بأنهم أجبروا روسيا على الانحناء عندما رفضوا شراء غازها. مشددين على أن “هذا ليس بالابتزاز، بل هو رد على العقوبات الأحادية التي يفرضها الغرب عموما وأوروبا خصوصا. وفي الولايات المتحدة أكدت مجلة “ذا ناشيونال إنترست” في وقت سابق قبل يومين أن الرد الاقتصادي ضد روسيا يلحق خسائر أكبر ببقية العالم أكثر من روسيا.
ونقلت وكالة نوفوستي عن المجلة قولها في مقال للكاتب ألفارو فارغاس، أن الأمور على الصعيد الاقتصادي تبدو مختلفة عن التأكيدات المتكررة من الرئيس بايدن وغيره من الزعماء الغربيين، فيما يظنونه من أن “أشد العقوبات الاقتصادية في التاريخ” من شأنها أن تشل الاقتصاد الروسي، حيث يقر الكاتب بأن ذلك “لم يحدث”.
ويقول الكاتب في مقاله: “كان الحساب الجاري لروسيا، الذي يقيس التجارة العالمية في السلع والخدمات، قويا في الربع الثاني من هذا العام عندما ارتفع الفائض التجاري إلى مستوى قياسي بلغ 70.1 مليار دولار. كذلك فقد أظهر الروبل مرونة ملحوظة، حيث احتل المرتبة الأولى كأقوى عملة أداء حتى الآن هذا العام، وارتفع إلى أعلى مستوى له مقابل اليورو منذ عام 2015، وحقق مكاسب كبيرة مقابل الدولار.
وأشار الكاتب إلى أن الصورة الاقتصادية ليست وردية بالنسبة للدول التي تفرض العقوبات على روسيا، حيث تكافح أوروبا لتلبية احتياجاتها من الطاقة، ما يؤدي إلى ارتفاع التضخم.
وقال أنه في الآونة الأخيرة، توسل بايدن، مع ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى له منذ 40 عاما، إلى السعودية، لإنقاذه عن طريق ضخ المزيد من النفط الخام للمساعدة في خفض أسعار البترول وتخفيف الضغط التضخمي، الذي تحمله الأسعار المرتفعة للوقود على السلع الأخرى.
وأكد كاتب المقال أنه على القادة الغربيين أن يتعلموا الآن كيف يأخذون عاملين في الاعتبار، عند فرض العقوبات: الحالة الأخلاقية والعواقب الاجتماعية والاقتصادية المحتملة.
التالي