الثورة- حسين صقر:
قالت العرب قديماً: “جارك القريب أقرب إليك من أخيك البعيد”، وقالوا: حد الجار أربعين داراً، وفي روايات أخرى لسابع دار، والمهم في الأمر أن كل ماقيل أو روي، هدفه الإحسان للجار ومراعاة ظروفه ومساعدته عند الحاجة، والوقوف إلى جانبه في السراء والضراء، وأن يكون الشخص بلسماً يداوي به جراح ذلك الجار.
فالعلاقات الاجتماعية مثل الخيوط المتشابكة، والإنسان بطبيعته كائن آدمي يعيش ويختلط مع من حوله من الناس، أي لايستطيع العيش بمفرده حتى يشعر بإنسانيته، والجيرة إحدى الوسائل التي تربط الناس ببعضهم ولها خصوصية كبرى لأنها أكثر العلاقات تفاعلاً، ومن هذا المنطلق هناك حقوق للجار يجب على أي شخص تقديرها ومراعاتها، لأنها تساهم بزيادة الترابط وترسيخ العلاقات، و الإنسان عندما يجاور شخصاً ما، فإنه يكون مضطرا لرؤيته في أي وقت نظرا للقرب المكاني، ولهذا عليه أن يؤدي له حقوقه ويعرف واجباته نحوه، وأن يكون بالنسبة له كبائع المسك، إن لم يُمنحه عطراً، ينشر له العبير وأريج المحبة، ولايؤذيه بممارسات تجعله يفكر بالرحيل عنه، أو تزرع العداوة والشقاق بينهما، بل عليه أن يتخذه أخاً وصديقاً ونديماً، لأن عدم مراعاته يقضي على ثمار التقارب، ويمنع الألفة.
والقانون وضح الحقوق والواجبات تجاه الجار من خلال تجنب التضييق عليه بأي طريقة كانت، وعدم إزعاجه بالأصوات العالية والصراخ أو إيذاء أبنائه، وحفظ أسراره وتجنب إفشائها بين الناس، وتقديم المعروف إليه، وعدم انتهاك حرمة الجار الخاصة وحماية أسراره وعدم التنصت عليه.
وفي هذا السياق أكد المحامي الدكتور نزار حسن عضو الهيئة التدريسية بكلية الحقوق في جامعة تشرين، أن قانون العقوبات حمى الراحة العامة عبر تجريمه عددا من الأفعال التي اعتبرها ماسة بالراحة العامة، وعاقب عليها بغرامة لا تقل عن ٢٥ الف ل.س وهي تشمل عدداً من الأفعال كإحداث ضوضاء أو لغطاً على صورة تسلب راحة الأهلين، وكذا كل من حرض على هذا العمل او اشترك فيه.
ثانياً من رمى قصداً بحجارة أو نحوها من الأجسام الصلبة أو بالأقذار العجلات والأبنية ومساكن الغير أو أسواره والجنائن والأحواش.
وأضاف حسن: جرّم القانون كل من أفلت حيواناً مؤذياً أو أطلق مجنوناً، أو من حث كلبه على مهاجمة المارة أو اللحاق بهم أو من لم بمسكه عن ذلك ولو لم يحدث أذى أو ضرراً.
وقال إن القانون المدني أوجب على المالك ألا يغلو في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار، كما نص في المادة ٧٧٦ على انه ليس للجار أن يرجع على جاره في مضار الجوار المألوفة التي لا يمكن تجنبها
وإنما له ان يطلب إزالة هذه المضار إذا تجاوزت الحد المألوف، على أن يراعى في ذلك العرف، وطبيعة العقارات، وموقع كل منها بالنسبة للآخر، والغرض الذي خصصت له، و لا يحول الترخيص الصادر من الجهات المختصة دون استعمال هذا الحق.
* حرمة الحياة الخاصة:
من جهة ثانية أوضح الدكتور حسن أنه للحياة الخاصة حرمة يحميها القانون، كما نصت على ذلك المادة ٣٦ ف١ من الدستور السوري.
و بالفعل نصت المادة ٢١ من قانون الجرائم الإلكترونية على العقاب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من 500 ألف إلى مليون ليرة سورية كل من قام بواسطة إحدى وسائل تقانة المعلومات بنشر معلومات على الشبكة تتعلق بالخصوصية دون رضا صاحبها حتى لو كانت صحيحة، موضحاً أن الخصوصية كما عرفتها التعليمات التنفيذية لنفس للقانون تشمل ” حق الفرد في حماية أسراره الشخصية أو العائلية أو مراسلاته أو سمعته ونشاطاته على الشبكة”.
وتعقيباً على ماسبق نقول: إن إحسان الظن بالجار أمر مهم، حيث البر محمودٌ في جميع المواقف، ومن حقوق الجار على جاره أن يكون له منديلاً يمسح حزنه وقت همه، وإن كان الجار من ذي القربى فإن له حقاً مضاعفاً، فمن يُحسن إلى جاره ويُقدّم له المعروف ينال الأجر والثواب الكبيرين، كما يُبارك له الله في عمره وعمله، ولهذا يجب على كل جار أن يقطف من حديقة المحبة ورداً ويزرعها في حديقة جاره، وأن لا يسمح لأي شيءٍ بتنغيص العلاقة معه، وأن يتجاوز عن سيئاته ويلتمس له الأعذار في كل وقت.