الثورة – عبد الحميد غانم:
بعد صدور مرسوم السيد الرئيس بشار الأسد بتحديد موعد الانتخابات المحلية في الثامن عشر من أيلول القادم لانتخاب أعضاء المجالس المحلية، تدخل سورية مرحلة جديدة من التعافي وإزالة مخلفات الحرب الإرهابية، وإجراء هذه الانتخابات لا يقل أهمية عن انتخابات مجلس الشعب أو غيرها من الانتخابات، نظراً لأهمية المجالس المحلية ودورها المنوط في تنمية المجتمع من أصغر وحدة إدارية، إلى البلدات والمدن والمحافظات، وفي ترسيخ دعائم الديمقراطية واللامركزية في المجتمع السوري.
يشكل المرسوم 216 الذي أصدره الرئيس الأسد يوم أمس بتحديد يوم الـ 18 من أيلول المقبل، إيذاناً لانطلاق عملية الانتخابات المحلية في سورية ترشحاً وانتخاباً، واتخذت الحكومة والوزارة المعنية الإدارة المحلية والبيئة، والسلطة القضائية ممثلة باللجنة القضائية العليا، كل التحضيرات اللازمة لاستقبال المرشحين صباح يوم غد الجمعة، أي بعد يوم من نشر المرسوم الرئاسي في الجريدة الرسمية، وتسهيلاً لعملية الترشح زادت السلطة القضائية من عدد لجان الترشح في كل مركز على الأقل لجنتين. علماً أن المجالس المحلية الحالية تنتهي ولايتها قانونياً في الثاني من الشهر العاشر تشرين الأول المقبل، وفقاً للقانون الذي يمنحها ولاية انتخابية مدّتها 4 سنوات.
وقد حرص الرئيس الأسد من خلال قيادته الحكيمة على إرساء تلك الدعائم والتركيز على دور المجالس المحلية في التواصل مع المواطن ومتابعة مشكلاته والعمل على حلها بالطرق المناسبة والسريعة.
وكلنا يذكر كيف وسع سيادته من خلال المراسيم التي أصدرها دور تلك المجالس، وحرص على متابعتها ومتابعة نشاطها ودورها في ولاية المجالس المحلية التي ستنتهي في الثاني من تشرين الأول القادم بعد أربعة أعوام من ولايتها، وكيف تم حل بعض هذه المجالس لتقصيرها عن خدمة المواطن، أو لعدم إدراكها لدورها المسؤول في إيجاد الحلول الناجعة للمشكلات الماثلة أمامها.
الملاحظ من ذلك أن بعض تلك المجالس كانت غير قادرة على إدراك مسؤوليتها أو أنها أثبتت عجزها عن حل المشكلات وطرح البدائل الممكنة للمشكلة, وهذا يعود أحياناً لعدم الخبرة أو ضعف في الممارسة أو تأخر في الحل.
وعليه فإن الترشح لحمل هذه المسؤولية لا تكفي أحياناً تحقيق الشروط القانونية للترشيح والتي تتطابق مع ما نص عليه الدستور، فإنما تتطلب الكفاءة والقدرة العملية والخبرة في حل المشكلات الخدمية، وتقديم أفضل الخدمات المحلية التي يحتاجها المواطن في حياته.
لذلك من الأهمية بمكان أن تضاف شروط إدارية وخبرات لاختيار المرشح للانتخابات المحلية تحدد من قبل الجهات التي ترشح، لاسيما الأحزاب أو المنظمات السياسية أو من قبل الجمعيات الأهلية أو من قبل الناخبين أنفسهم الذين تقع عليهم المسؤولية الأكبر في اختيار أعضاء المجالس المحلية من خلال عملية الاقتراع والانتخاب.
ومن هنا تبرز أهمية مسألة اختيار المرشحين عبر الانتخاب، فالناخبون لهم دور كبير في تحديد من يصلون إلى هذه المجالس وهويتهم وانتمائهم الوطني وحرصهم على خدمة المواطن.. فعملية الانتخاب لها فعلها المؤثر الكبير في رسم معالم المجالس المحلية، ومن هنا تبرز وطنية الناخبين في المشاركة الكثيفة والكبيرة في الانتخابات المحلية، لأن لها الدور الأبرز في نجاح وصول مرشحين أكفاء إلى مقاعد المجالس المحلية، وفي نجاح العملية الديمقراطية الانتخابية انتخاباً وترشحاً.
إن إجراء الانتخابات وفق الدستور وفي موعدها المحدد يكرس حرص القيادة على اللامركزية والعمل الديمقراطي في إدارة شؤون المواطن المحلية، من أصغر وحدة إدارية إلى أوسعها وأعلاها، وهو يعكس أهمية المشاركة الشعبية في العملية الانتخابية انتخاباً وترشحاً، التي تكمن في أهمية شعور الناخب بمدى تأثير صوته الانتخابي في العملية الانتخابية، وكلما كان لصوت الناخب في العملية الانتخابية تأثيراً قوياً في إيصال الناخب المناسب، وكذلك في الشعور بالمسؤولية عند الترشح، وأن هذا الأمر يفرض على المرشح مسؤولية كبيرة تحمله أمانة كبيرة للقيام بدوره المسؤول، كلما أكد هذا التأثير أن المسيرة الديمقراطية تسير على نهج سليم في البلد، سواء أكانت انتخابات نيابية أم بلدية.
إن هذه الانتخابات تشكل خطوة في تطبيق اللامركزية تمنح سلطات واسعة لمجالس الوحدات الإدارية، وتتطلب من الناخبين مسؤولية إيصال أصحاب الخبرة والمعرفة الكافية بمضمون القانون وأبعاده التنموية القائم على توسيع اللامركزية وتحمل مسؤوليات كبيرة من قبل المنتخبين، وكذلك إلى التشاركية والانفتاح على المجتمعات المحلّية، وهي فرصة لضمان شعور المجتمعات بأنها ممثّلة في السلطة من خلال المجالس المحلّية.
لذلك وأمام الاهتمام الرئاسي والحكومي والقضائي، فإن الانتخابات القادمة تمثل تحدّياً كبيراً لناحية إيصال كوادر متمكّنة معرفياً، وقادرة على تحقيق التمثيل الأوسع لفئات المجتمع في مختلف المناطق، بما فيها تلك المناطق التي تحررت مجدداً من الإرهاب والاحتلال، ومن الضروري أن نلحظ مراجعة للتجربة السابقة، لتلافي الأخطاء وسدّ الثغرات خلال المرحلة القادمة.