الثورة _ فاتن أحمد دعبول:
استقبل مجمع اللغة العربية في جلسته العلنية الأستاذ الدكتور عيد مرعي عضوا عاملا في مجمع اللغة العربية بدمشق لثقة زملائه به واختيارهم له عضوا جديدا ينضم إلى المجمع، ليسهم في أعماله في ضوء خبراته، وهو المتخصص بلغات الشرق القديم وتاريخه، بين ذلك د. محمود السيد رئيس مجمع اللغة العربية في كلمته التي ألقاها في استقباله.
وأضاف: أن من المشروعات القومية التي أنجزتها” الألسكو” المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم مشروع الكتاب المرجعي لتاريخ الأمة العربية، ليعرف أبناء الأمة تاريخ أجدادهم الموغل في القدم، يعتزون بتلك الحضارات القديمة وإنجازاتها، على مختلف الصعد، وفي مقدمتها اختراع الأبجدية وتعليمها للآخرين على الصعيد العالمي، إذ لا يمكن أن ننسى تاريخ أمتنا قبل العصر الجاهلي، وهو تاريخ به نعتز ونفتخر، وتراثنا الحضاري أغنى من أن يحد بمرحلة حضارية واحدة.
وبين د. السيد أن تراثنا العربي يتسم بالعراقة والقدم، وعبر عن ذاته في عدد من الحضارات قبل أن ينصهر في حضارة عربية إسلامية ذات ثقافة واحدة شملت الأرض العربية كلها، وطبع الحياة بالطابع العربي، وغدت هذه الثقافة عربية وإنسانية منفتحة على الآخر، ومحافظة على هويتها ومستوعبة العلوم والفنون والآداب، ومن أرض سورية انطلقت الرسالات السماوية التي تروم الخير والمحبة والسلام للناس كافة.
كما أوضح رئيس المجمع أن لغتنا العربية أسهمت أيما إسهام في مسيرة الحضارة البشرية، وكانت لغة عالمية إبان ألق الحضارة العربية الإسلامية، وهي الآن لغة عالمية بين اللغات الست المعتمدة في الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، ويجب عدم إبعادها من العملية التعليمية، واستعمال اللغة الأجنبية مكانها.
د. رفعت هزيم: المحافظة على سلامة اللغة العربية
وفي مداخلته بين د. رفعت هزيم السيرة الذاتية للعضو الجديد د. عيد مرعي، وأهم المحطات في سيرته العلمية، وقال:
الدكتور مرعي حصل على إجازة التاريخ من جامعة دمشق، واختار ألمانيا لتكون محطته في متابعة دراساته العليا، والتحق بقسم الأكاديات ليدرس فيه حضارة بلاد الرافدين” تاريخا وآثارا ولغات” حتى نال درجة الدكتوراه عام 1985، عاد بعدها إلى الوطن ليكون عضوا في هيئة التدريس بقسم التاريخ.
ونشر بعد ذلك العديد من الأبحاث والدراسات في دورية” دراسات تاريخية” ودورية” مهد الحضارات” التي تصدرها المديرية العامة للآثار والمتاحف.
ومن كتبه” تاريخ سورية القديم 2010، رحلة في عالم الآثار، آثاريون ومدن أثرية، اللسان الأكادي، وموجز في تاريخ اللغة الأكادية وقواعدها ..
وبين د. هزيم أن مؤلفات مرعي تميزت بأمرين اثنين، الأول استعانته بالخرائط والمخططات والجداول والصور، ليصل إلى القارىء ويستوعبه بشكل كامل، والأمر الآخر هو كتابة المصطلحات وأسماء الأعلام والآلهة والأمكنة كتابة صوتية وبصيغها كما وردت في الأصل مما يجنبها التحريف ويجعل قراءتها مؤكدة.
كما أشار بدوره إلى أهمية المحافظة على سلامة اللغة العربية، ووضع المصطلحات العلمية والفنية والأدبية والحضارية، وابتكار أساليب ميسرة لتعليم نحوها وصرفها.
د. عيد مرعي: ساهم في نشر الوعي بأهمية تاريخ سورية القديم
ومن سنن الوفاء التي اعتاد مجمع اللغة العربية عليها، هي الوقوف عند الأعضاء السابقين مستذكرين أعمالهم ودورهم في خدمة اللغة العربية، وبين ذلك الدكتور عيد مرعي في الحديث عن سلفه د. محمد محفل الذي ساهم بتأسيس لجنة كتابة تاريخ العرب في جامعة دمشق، وكان أمين سرها، وترأس أيضا مجلة دراسات تاريخية، وعمل في قسم الإذاعات الأجنبية في الإذاعة السورية، كما أوكلت إليه عضوية مجلس الآثار التابع لوزارة الثقافة، ومنحته جامعة الدراسات الإسلامية في مدينة كراتشي الباكستانية درجة الدكتوراه بتقدير امتياز.
ومن أعماله أنه وضع عددا كبيرا من الدراسات التاريخية واللغوية والحضارية التي كان لها الأثر الكبير في نشر الوعي بأهمية تاريخ سورية القديم وتاريخ الشرق الأدنى القديم وتاريخ العرب القديم، وأكد رحمه الله على ضرورة دراسة لغات الشرق العربي القديم لصلتها الوثيقة باللغة العربية التي تعد الوريثة الشرعية لكل هذه اللغات.
وللدكتور محفل مساهماته الواضحة مثل مشاركته في أعمال لجنة مجلة المجمع، وإلقاء المحاضرات، ونشر عددا من المقالات في مجلة دراسات تاريخية ومجلة المعرفة، وهو بعد ذلك اتسم بالعبقرية في قراءة الحاضر واستقراء المستقبل اعتمادا على معرفته في التاريخ القديم وعلم الرجال.
وقد منحه الرئيس بشار الأسد وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة تقديرا لخدماته العلمية والوطنية، د. محمد محفل، مؤرخ ولغوي كبير تعلمت منه الكثير في مختلف ميادين المعرفة.