الثورة_أديب مخزوم:
افتتح في صالة الرواق العربي ( قاعة لؤي كيالي ) في العفيف بدمشق، معرض ملتقى رسم للأطفال، تحت شعار ” فرح الوطن في رسوم أطفال سورية ” وذلك برعاية اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، وحضور رضوان مصطفى أمين فرع الحزب بريف دمشق ، وغسان غانم أمين السر العام لاتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، والسيدة مهى محفوض، رئيسة فرع دمشق للاتحاد ، والإعلامية الهام سلطان، التي شاركت في تكريم الأطفال المشاركين في الملتقى والمعرض.
وأكدت كلماتهم ، التي تلت الافتتاح، على أهمية رعاية مواهب الأطفال كونهم يمثلون المستقبل . ووزعت شهادات التكريم، الصادرة عن اتحاد الفنانين، على المشرفين والأطفال الفائزين والمشاركين .
وقام اتحاد الفنانين التشكيليين العام، بتكريم اطفال سورية بالتعاون مع وزارة التربية، ومحافظة دمشق، وأصدقاء حديقة السبكي، والأطفال الذين شاركوا في الملتقى ، الذي استمر ثلاثة ايام ( رسم مباشر في الهواء الطلق).
والمعرض يثير عدة قضايا تدرج في مجملها ضمن إطار اكتشاف الطاقات الشابة، ودفعها خطوات إلى الأمام، إذ من الضروري أن تكرس الصالات معارض لتظاهرات الأطفال، وتمنح جوائز تشجيعية، لمن يظهر مقدرة في تشريح مشاهد الواقع, ويؤكد مظاهر التفوق, في امتلاك تقنية اللون والخط والضوء .
وهنا تكمن أهمية هذه التظاهرة التشكيلية, كونها تفسح المجال لاكتشاف مواهب فنية جديدة . وحين يتم الاهتمام بعرض لوحات لأسماء جديدة, فهذا يعني المزيد من الرعاية للمواهب والبراعم المتفتحة, على أساس ان الجيل الجديد هو الذي سيحدد مستقبل فنوننا التشكيلية، والعمل المشترك يفتح باب الجدل والسجال ويؤدي إلى تبادل الخبرات والمواقف والأفكار والآراء.
والمعرض متنوع في مواضيعه وتقنياته وأساليبه، ويطرح في سياق تجارب الصغار مواصفات تعبيرية وواقعية .
واللافت ان معظم الأطفال المشاركين والمشاركات يركزون لإضفاء المزيد من العفوية، في سياق تقديم لوحات صادقة، متفاعلة في أحيان كثيرة مع أشكال الواقع من عناصر طبيعية وإنسانية وحيوانية ونباتية، مرورا ببروز مظاهر الأجواء الطفولية، بحركاتها المتنوعة.
وهم يقدمون في هذا المعرض، خلاصة بحوثهم التقنية المستمدة من تطور لمساتهم العفوية, والتي تطورت بتوجيهات المشرفين على دوراتهم، حيث نجد تنويعات في صياغة لوحات من كل المدارس الفنية، فهنا نجد أجواء تعبيرية ورمزية وخيالية، يقدمها الطفل عن غير قصد، مروراً بوجود غنائية الأنوار المتراقصة في الطبيعة، والمتنقلة أيضاً على بعض الوجوه والعناصرالأخرى. والتركيز على الألوان العفوية والتلقائية،بضربات متتابعة ومتجاورة ومشحونة بالأحاسيس والمشاعر الداخلية، وضمن صياغة فنية لها علاقة بالحرية التلوينية وبالإشراق الضوئي المحلي.
ولقد وجدنا العناصر اللونية الشرقية والإشارات التراثية في أعمال أكثرية العارضين، مع التركيز على إظهار تحولات بعض التجارب على الصعيد التقني، من اللوحة الورقية والقلمية إلى طريقة الرسم الزيتي على سطوح اللوحة القماشية.
ومعرض الأطفال يشكل مدخلاً لملتقيات ومعارض مستقبلية ستكون قادرة على مناقشة أهم المشكلات المتعلقة بتنشئة البراعم ،وتنمية الرؤية الابتكارية ، والوصول الى خصائص الأسس التربوية الصحيحة والحديثة ، التي تغذي شعور الانتماء الى البيئة والوطن في وجدان الأطفال.
فالطفل هو المستقبل ومن الضروري ان تكون الملاحظات الموجهة له ، عن مدى قدرته على نقل تأثيرات البيئة والثقافة العربية الى لوحته, وذلك بخلاف ما نجده في الرسوم والافلام الغربية التي لا تهدف الا للإثارة والإبهار الاستعراضي، ولا تؤدي في رواجها الا الى المزيد من غرس نزعات التمرد والعنف وحب القوة والسيطرة والعدوانية لدى الاطفال, بدلا من تحقيق تناغم شاعري وفني في وجدانهم العاطفي ودفعهم الى التمسك بمعطيات البيئة والتراث العربي.
نأمل أن تتواصل ملتقيات ومعارض رسامي الأطفال ، برعاية اتحاد الفنانين السوريين، حتى يتمكن المختصون من استشفاف الاتجاهات التربوية الحديثة، التي تشبع حاجة الأطفال الى الرسم المرافق لمجريات الحكاية أو القصة، وتساهم في إنماء قدراتهم ، وتعمل على إيجاد خطوات عصرية ومتطورة في محاولة لبلورة الاتجاهات الإنمائية المحلية الصحيحة، ودفعها خطوات إلى الإمام .
هكذا يرسم ملتقى ومعرض الأطفال، صورة متقدمة تبين كيف يمكن أن تكون الخطط التربوية العصرية ، ويعمل على إيجاد المزيد من الاهتمام بهذا الكنز التعبيري , الذي لايزال دون رعاية جدية في مجمل الاقطار العربية ، وهذه المعارض تساهم في غرس نزعات الابتكار وحب الاطلاع والقراءة في وجدان وعواطف ومشاعر الأطفال، وتعمل على انتشالهم من الضياع وتمنحهم لمحة تربوية عن كيفية التدرج من مرحلة طفولية الى أخرى.