مرة أخرى، يأتي رد المقاومة الفلسطينية على العدوان الإسرائيلي المفتوح على غزة، ليضع العدو أمام مشهد أمني يزلزل كيانه، وهذا الرد الطبيعي جاء خلافاً لحسابات لابيد الحزبية والانتخابية، حيث يسعى من وراء شن هذا العدوان لتصدير مشكلات حكومته السياسية الداخلية، ولكسب اليمين المتطرف إلى جانبه، لمساعدته في البقاء بالحكم، على خلفية التصدعات المتراكمة التي تنخر جسد “الكنيست” وتهدد بإقصائه.
رد المقاومة الصاروخي من غزة، جاء ليؤكد مجدداً أن الفلسطينيين على مختلف انتماءاتهم السياسية والحزبية يقفون صفاً واحداً ضد ممارسات الاحتلال الإجرامية، لاسيما أن سياسة الاغتيالات التي يلجأ إليها حكام العدو، إنما تعكس عجز هذا الاحتلال عن المواجهة في الميدان، والفلسطينيون باتوا أكثر إدراكاً اليوم أن العدو الصهيوني لا يفهم سوى لغة القوة، وبأن المقاومة هي الأنجع لاسترداد الحقوق، بعدما أثبتت سلسلة المفاوضات العبثية مع هذا العدو خلال العقود الماضية عقمها وفشلها.
التأهب الأمني داخل صفوف الاحتلال في حالته القصوى، حيث دوي صفارات الإنذار في “تل أبيب وسديروت وأشكول وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة” لم تهدأ، وصواريخ المقاومة التي تدك تلك المناطق تثبت مجدداً أنه لم يعد هناك أي مكان آمن للاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة، فتعاظم قدرات المقاومة بات أمراً واقعاً، وكيان العدو لم ينس بعد آثار معركة سيف القدس الأخيرة، خلال العام الماضي، إذ سرعان ما لجأ حكام العدو لاستجداء الوساطات، بعدما تحسست حكومة بينت آنذاك انهيارها على وقع صواريخ المقاومة القادمة من غزة، واليوم إذ يهدد وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس بتوسيع مروحة العدوان، فإنه لا شك يضع حكومة لابيد في مأزق عسكري وسياسي خطير، يزيد من حدة الانقسام والتفكك في الداخل الإسرائيلي.
المقاومة، سبق أن أفشلت كل مشاريع ومخططات الاحتلال خلال اعتداءاته السابقة على قطاع غزة، ووضعت قواعد اشتباك جديدة، يستحيل على حكومة الاحتلال الاستمرار بعدوانها من دون دفع فواتير باهظة الثمن، فالتبعات الخطيرة لهذا العدوان بدأ يتلمسها الشارع الإسرائيلي، ولا بد بحال استمراره أن يخلخل أركان حكومة لابيد، العاجزة كغيرها عن تحقيق أي من أهدافها أمام صواريخ المقاومة.