الثورة – تحقيق- جهاد اصطيف:
لا شك أنه ليس هناك مرحلة صعبة على الأهل مثل تلك المرحلة التي تمر عليهم أثناء تأدية أبنائهم للامتحانات المدرسية، فبعد مسيرة تبدأ بمشاحنات وتعب وسهر، وتكبدهم عناء التفكير ووضع خطط التوفير والاستدانة لأجل تأمين مدرسين خصوصيين لأولادهم، سواء على مدار العام، أو في وقت الامتحانات، أو تسجيلهم بمعاهد تعليمية خاصة، تأتي لتزيد ” الطين بلة ” تلك المكثفات والأوراق الذهبية (الملخصات) التي باتت هي الأخرى مكلفة جداً، والأنكى ألا يستفيد الطالب منها بشيء، فلماذا لا يتم الاعتماد على الكتاب المدرسي طالما أنه المرجع والصدر الوحيد والرسمي والمعتمد من قبل المؤسسة التربوية “وزارة التربية”.
* دروس مكلفة جداً..
تقول السيدة “صفاء”: تخيلوا أيها السادة قد يصل بدل الساعة التدريسية الواحدة إلى ” ٢٥ ” ألف ليرة بحسب المادة والمُدَرِّس، ما يعني أن راتب زوجي يعادل خمسة أو ستة دروس فقط، ولمادة واحدة، وأستاذ واحد، فما بالكم بأن طالب الشهادة يحتاج لمجموعة أساتذة وعدد ساعات غير قليل شهرياً، وتزداد هذه الساعات كلما اقتربنا من موعد الامتحانات؟.
ويقول طالب ثالث ثانوي علمي: المواد العلمية مرتبطة بمنهاج الصف العاشر وصف الحادي عشر عكس الأدبي، لكن ظروف الحياة أجبرتنا على الانقطاع، الأمر الذي فرض علي الاعتماد على الملخصات “والنوط” والأوراق الذهبية، وسواها، لأن إمكانيات والدي لا تسمح لي بالتسجيل على دروس خصوصية، فلجأت إلى هذا الحل البديل، مع الاعتماد على “الأنترنت”، وبشكل عام لا أنصح غيري بهذا الحل لأن الدراسة والمتابعة هي الأساس.
*مدرسون: رواتبنا لا تكفينا..
أحد المدرسين يقول: حالنا مثل حال فئات المجتمع، ” لنا ما لنا وعلينا ما علينا “، خاصة وقد زادت الالتزامات وباتت الحياة المعيشة صعبة جداً، وهذه مهنتنا ولا مانع أن نتكسب منها.
وقال إن راتبه الذي لا يتجاوز مئة وخمسين ألف ليرة، لا يتناسب مع ارتفاع الأسعار الذي بات يغزو كافة السلع دون حسيب أو رقيب!.
ورأى أن المدرس يجب أن يكون مرتاحاً مادياً ليعطي أحسن ما عنده، ويردف: أضطر أحياناً لشراء ليتر البنزين بأكثر من “٧” آلاف ليرة من السوق السوداء، عدا أن حلب مدينة كبيرة، وقد يحتاج المدرس لقطع مسافات طويلة بالسيارة، وكل ذلك يتطلب تكاليف باهظة للتنقل، كما أن أقرب مشوار بالتكسي لا يقل عن ” ٥ أو ٦ آلاف “، لهذا من الطبيعي أن ترتفع أسعار الدروس الخصوصية، والمكثفات التي يعدها المدرسون والأوراق الذهبية و” النوط ” وسواها.
* بعض النوط سعرها 50 ألف ليرة..
لا شك أن شكاوى الأهالي من ارتفاع أجور ساعات الدروس الخصوصية في المنازل والمعاهد الخاصة، مرده لعدة أسباب، وهي تختلف من مرحلة إلى أخرى، إذ تكون مرتفعة أكثر للشهادتين الإعدادية والثانوية كما قلنا، وهناك الكثير من ذوي الطلاب يقولون إن هذه الأجور غير ثابتة وتختلف بين مدرس وآخر، إذ تلعب أسماء المدرسين وشهرتهم دوراً آخر في التسعيرة التي قد تصل إلى أكثر من المليون مقابل مادة علمية واحدة على سبيل المثال، لذلك لا نستغرب أن يلجأ الكثير من الأهالي إلى ما يسمى بالأوراق الذهبية و” النوط ” المنتشرة في مختلف المكتبات بحلب، رغم غلاء ثمنها، وقد يصل ثمن بعض ” النوط ” إلى أكثر من خمسين ألف ليرة بسبب تجزئتها من قبل معديها بهدف الاستفادة منها ماديا بأكبر قدر ممكن من الطلاب.
*تربية حلب : الكتاب المدرسي هو المعتمد..
أمام ما تقدم توجهنا للمكتب الصحفي في مديرية التربية بحلب نعلمهم عزمنا حول إعداد مادة صحفية حول العملية التعليمية تتناول عدة نقاط أهمها، هل أصبحت المكثفات الدرسية والأوراق الذهبية بديلاً عن الكتاب المدرسي، وخاصة لطلاب الشهادتين الأساسي والثانوي، وما هو موقف مديرية التربية بحلب من هذه الظاهرة وما هي إجراءاتها حيال ذلك وخاصة في المدارس والمعاهد الخاصة؟
فكان الرد أن الكتاب الرسمي هو المرجع الرئيسي للطالب والوحيد المعترف به من قبل وزارة التربية في الجمهورية العربية السورية في المدارس الرسمية والخاصة والمستولى عليها وهو معد من قبل لجان متخصصة، ولم تسمح مديرية التربية في حلب بتدريس أي منهاج خاص أو كتيبات (المكثفات الدرسية أو الأوراق الذهبية) بديلاً عن الكتاب المدرسي.
وأوضح أنه تتم معاقبة كل من يصدرها ويطرحها في المدارس أو المكتبات، وأن وزارة التربية تعمل على مكافحة ترويج أو بيع ما يسمى بالأوراق الذهبية وذلك بإصدار القرار اللازم الذي يخول مديريات التربية في المحافظات بإحالة المخالفين إلى الجهات المختصة لتتم محاسبتهم وفق القوانين الناظمة.
*عضو المكتب التنفيذي لم يرد على أسئلة الثورة..
وبما أن المكتب التنفيذي لمحافظة حلب يتابع الشأن التربوي، فقد توجهنا بالسؤال التالي إلى عضو المكتب التنفيذي المختص في محافظة حلب:
هل أصبحت المكثفات الدرسية والأوراق الذهبية بديلاً عن الكتاب المدرسي وخاصة لطلاب الشهادتين الأساسي والثانوي، ماهو رأي المحافظة والإجراءات التي تتخذها حيال هذه الظاهرة .
وبالرغم من الاتصال عدة مرات لم يتم الحصول على أي رد من المختص والمعني بالامر حتى ساعة إعداد هذا التحقيق بتاريخ 11 / 8 / 2022.
*خلاصة القول..
نعود لنؤكد أن العملية التربوية هامة جداً في حياتنا لأنها المعول الأساس في رسم مستقبل أجيالنا القادمة، وما نأمله حقا، المراقبة الجادة والصارمة تجاه هذه الظاهرة التي باتت فعلا تؤرق الكثير من الأهالي وتكلفهم الكثير من الجهد والتعب والمال . …. فهل سنرى تحركاً جاداً أم أن حديثنا سيبقى في إطار الأمنيات ..!!