الملحق الثقافي – ترجمة د. ثائر زين الدين:
تعريف بالشاعر:
ولدَ الشاعر ألكسي كراسنيانسكي في شبه جزيرة القرم عام 1964، وتخرجَ في جامعة موسكو الحكوميّة (جامعة لومونوسوف)، بدأ بتعلم اللغة العربيّة وهو في الرابعة عشرة من عمره، نشر مجموعته الشعرية الأولى في موسكو عام 1990، وكان قد بدأ نظم الشعر في سنوات الفتوّة المبكرة، صدرت له حتى الآن خمس مجموعات شعرية، يعمل ويعيش في سانت بطرسبورغ.
القصائد واللوحات:
1-بتلات الوردة
«يا ينبوع الحب، أيها الينبوع الحي!
أحضرت لك وردتين هديةً.
إنني أحب صوتك المُتدفّق،
ودموعك الشعرية.»
أ. بوشكين
ترمي الوردةُ بتلاتها،
ترميها إلى غير رجعة.
يدٌ تلمسُ يداً؛
ومع ذلك بردٌ وإبهام.
ترمي الوردةُ بتلاتها.
الوداعُ حزن طويل
والنهاية هي – الهجران.
يفقد الخريفُ شاله،
حيث كان الينبوعُ – يا له من حزنٍ ومللٍ.
تصنعُ بتلات الوردةِ – شالاً.
لا يمكنني أن أبدِّلَ الهِجران،
ولن أُدفئَ يديك الباردتين،
سيكون لي أن أعيشَ مع حزن الشتاء.
وأتحلَّلَ ذهباً كالخريف،
في الروحِ لا يُحفظُ الهجران.
بتلات الورد تطير
يفقد اللونُ خطيئته السابقة.
إنها تريدُ أن تُهديَ الحب
في مكانٍ لا يستعجلُ برد الشتاء فيه الرحيل.
الهجرانُ يُذرّي البتلات …
ترمي الوردةُ بتلاتها،
الألوانَ الباهتةَ، إلى غير رجعة.
اليدُ تلامس اليدَ،
لا تُرجع يدَكَ إلى الخلف.
ترمي الوردةُ بتلاتها.
2-(……..)
عندما يرتفع القمر –
يضيعُ بكاءُ الجرس.
طريقٌ غير مرئيٍّ
يعبرهُ ظلٌّ كثيف.
عندما يرتفع القمر –
البحار تغطي الأرض.
والشعور يملأ القلب:
يغمر الجزيرة إلى ما لا نهاية.
لا شيء يُشبعُ الروح
تحت البدر الكامل الذي اعتلى السماء
ولن يرضيها البرتقالُ المُشعّ كالعنبر، –
وهي كالفاكهة الخضراء الذابلة.
عندما يرتفع القمر –
ينعكس بُقعاً من ضياءٍ في الوجوه.
ينتحبُ، ويجد مأوى له في الجيب؛
في قطعةٍ نقديّةٍ فضية مجهولة الوجه.
3-(…………)
«يا لها من ليلة! لا أستطيع…
لا أستطيع النوم. أيُّ ضوءٍ قمريٍّ هذا … «
(سيرغي يسينين)
لكأنَّ حزناً أبيضَ
يكبِّلُ أرواحاً محطَّمة.
همستِ في الليل: وداعاً.
وأنا مُعاقبٌ بسماع الصمت.
ولكن في شفق الشتاء هذا،
عندما يكون الليل كما لو أنّه نهار – الاثنان متمازجان،
أضاءت نجمتان بعضهما بعضاً
ورُسمت أقدارنا بقدسيّة.
4-(……..)
ارسم لي شجرات بتولا سامقات،
رافلاتٍ بأقراطهنَّ، بأوراقهن الخضراء.
فوق النهر، هناك حيثُ السحابة الزرقاء
تذكِّرُ بعاصفة المساء.
هناك حيثُ أمدُّ ذراعيَّ في منتصف السماء،
مستعداً لتقبيل بلدي روسيا.
حيث تعيش بحزن لكن دونَ يأس،
وحيثُ الحزن أبيضُ الجلدِ مشرق.
وستسقط دمعةٌ على راحة يدك،
من جلد البتولا الممزق.
وستلمسُ بشفتيك الراعشتين وبلطف
سعادة دموع البتولا تلك.
وحولك ستنتثر السحابة
الزرقاء في قطراتٍ من روح الرب.
ما من أرضٍ في العالم أجمل منها؛
فسارع إذن إلى منحها حبّك.
5-شجر الحور على ضفتي نهر إبت
بركةُ ماءٍ في خطوط السماء،
في خطوط سماء الصيف،
هناك حيث يبدو أن الغيوم مثل قافلةٍ
تنتظرُ الرياح.
أليس ملاكاً ذلك الذي التقطَ
ألوانَ المروج والسماء؟
ذلك الذي جمعَ ألوانَ الحقل
والفجر الرائع؟
ثمَّ سقى الفضاء السماويَّ
تلكَ الألوانَ مجتمعةً
وصبَّ في البحيرة
لونَ المدى الصيفي.
كم هو جميل أن تأتي إلى البركة في يوم صيفي حار
فتمنحُ نفسك السلام قبل حلول العاصفة.
*******
6-شاغال
جالَ شاغال في المدينة
سكب ألوانه.
رسم باللونين الأزرق والأحمر،
وطار فوق المدينة.
حلقَ بجوار برج إيفل
وفوق المحلّات التجاريّة والكنائس.
وإلى جواره طار رجالٌ برجوازيون
وسيداتٌ راقيات؛ مثنى، مثنى.
يا لتلك اللوحات الرائعة؛
ذوات الوجهين، والوجوه المتعددة.
وثمّة عازف أرجوانيٌّ يداعب الكمان.
شاغال يتسكّعُ في المدينة.
العدد 1106 – 9- 8-2022