الثورة – حسين صقر:
كثيراً ما نسمع عن متلازمات التوحد والانطواء، وبعض الأمراض النفسية كالوسواس، وفوبيا المناطق المرتفعة والمظلمة وغيرها من الحالات الأخرى، ولكن نادراً ما نسمع عن المتلازمات الإيجابية، والتي ورد ذكرها خلال فيديو أرسله لي أحد الأصدقاء، وهي متلازمة الموهوب، والتي تحكي قصة الطفل ساري عزام، ذلك الطفل المعجزة والذي يشبهونه بأينشتاين سورية أو نيوتن العرب.
بثقة عالية بالنفس وذهن متوقد، ونظرات مليئة بكثير من التأمل والتفكير، فضلاً عن ابتسامة بريئة تكشف عن أسرار شخصيته، يطل الطفل المذكور في الفيديو وبين أصابعه الناعمة يحمل قلماً من نوع “الفيلومستر الملون” لا يقوى على حمله وكأنه يحمل شيئاً ثقيلاً، ولكن بمجرد إلقاء ريشته على السبورة المنزلية يتحول إلى ريشة.
الطفل المذكور وحسب الفيديو، نجح بتدوين أول كلمة عندما كان بعمر السنتين، ومنذ ذلك الوقت وتكبر طموحاته معه، فتراه يفكر بكل شيء ويتأمل كل ما حوله، الناس والشجر والأبنية وحتى الكواكب والنجوم.
وفي هذا السياق تقول والدته عبير عيسى، إن نظرة ساري وتأملاته توحي وكأنه كان جاراً لتلك النجوم يوماً ما، موضحة أنه تم تشخيص حالته ذات يوم، وأكد الأطباء أنه مصاب باضطراب طيف التوحد، ولكن ليس هو الطفل الأول المصاب بهذا الاضطراب في العائلة، حيث تعاني شقيقته الكبرى أيضاً من نفس الاضطراب.
وأضافت والدته يمضي طفلها ذو الخمس سنوات حالياً ساعات في مشاهدة مقاطع الفيديو على موقع “يوتيوب” لتعلم اللغات الإنجليزية والفرنسية والكورية واليابانية واليونانية والإسبانية، ولغات أخرى عديدة، وهو بارع اليوم بمعظم لغات العالم كتابةً وقراءة، كما لا تقتصر مواهبه على اللغات، فقد أتم حفظ القرآن الكريم كاملاً بعمر العامين، وأصبح بإمكانه حل الكثير من المسائل الحسابية والمعادلات الرياضية المعقدة.
وفي هذا الإطار يقول اختصاصيون في أمراض التوحد ومتلازمة داون وغيرها: إن هذه الحالة تسمى متلازمة الطفل الموهوب، وتمكن هذه المتلازمة الطفل المصاب بها من أداء مهمات أكبر من عمره كتعلم اللغات وحل المعادلات الرياضية المعقدة، وتجعله يمتلك قدرات غير عادية، لكنه يبقى دائماً بحاجة إلى دعم لتطوير مهارات الاتصال وكذلك إثراء معارفه بمزيد من الدراسات الأكاديمية.
وفيما يخص الطفل ساري قالت الاختصاصية مجد آلوسي إن ساري يتمتع بمواهب عديدة أبرزها الذاكرة البصرية السريعة والدقيقة، حيث يتمكن من حفظ ما يراه واسترجاعه بدقة على المدى البعيد، كما يتمتع بحب التعلم والشغف بالعلم، الأمر الذي يستدعي الاهتمام بحالته ورعايته بشكل يتناسب مع ذكائه وقدراته، وأوضحت أنه قد خضع للعديد من الفحوصات والتحاليل والصور الشعاعية الطبية، وأجمع الأطباء على أن حالته نادرة.
وأشارت أن متلازمة الموهبة تتوفر لدى شخص ذو اضطراب نفسي لديه القدرة على العمل، وإظهار ذكائه في مجال معين، وسبب ذلك يعود إلى أن بعضهم قد تعرض لمشاكل في الدماغ ويتبعه ظهور أعراض كاضطراب طيف التوحد، وبالرغم من هذه التسمية كمتلازمة فإنه لا يعد مرضاً نفسياً ولا يرتبط بأي مرض نفسي إطلاقاً، وتظهر مهارات المرضى في مجالات عدة، مثل الموسيقا والرسم والرياضيات وغيرها من تقنيات الكمبيوتر.
وأوضحت أن أعراض المتلازمة غير واضحة أو معروفة ولم تفهم بشكل كامل ولم يتفق أحد على تفسير واحد لسبب امتلاكها، ويقول بعضهم إن هذا يعود لأسباب تجعلهم يركزون على أشياء هم يريدونها فقط وهناك فرضية أخرى تقول إن عقلهم مُعد لمثل هذا المجال والذي قد يوحي بأنهم يمتلكون الموهبة.
ومن خلال حديث والدته فأسرته كما غيرها من الأسر السورية، باتت اليوم لا تستطيع أن توفر له أكثر من لوح وقلم للكتابة عليه وهاتف محمول بسيط يتمكن عبره من الولوج للإنترنت وإرواء تعطشه للعلم والمعرفة، ولهذا يتمنوا أن يحظى بعناية خاصة تلائم احتياجاته، لأنه يحمل صفات الإنسان العبقري، ولذا يجب وضعه على الطريق الصحيح، لأنه لا يحتاج لأكثر من العلم والمعرفة ليثبت قدراته.