الثورة – رولا عيسى:
تركت الحرب الإرهابية أثارها السلبية في المجتمع السوري كما كل الجوانب، ولعل ما خلفته على صعيد المكون المجتمعي والتربية هو الأخطر إلى جانب العامل الاقتصادي الذي بدوره ساهم في تغيير بنية المجتمع وأولويات الفرد.
ومع بدء الحرب العدوانية كان واضحاً حجم الحقد والإجرام الذي نال من القطاعات كافة بمافيها التربوي والتعليمي والمجتمعي ماجعل الحاجة ماسة للوقوف بقوة بوجه ماتفعله قوى الإرهاب من محاولات نسف وتدمير منظومة القيم الإنسانية المتأصلة والمتجذرة في مجتمعنا، وفي مقدمتها تقديم المساعدة وبناء المجتمع.
وضمن هذا السياق يقول المحلل السياسي والاقتصادي فاخر القربي أنه ثمة تجارب عديدة ومضيئة على صعيد العمل التطوعي والذي أكثر مايتبلور هذا اللون من العمل في الأزمات والحروب، وهذا ماحصل في تجربة المجتمع السوري، مشيراً إلى أهمية تفعيل ثقافة العمل التطوعي والخدمة الاجتماعية على مستوى مختلف المؤسسات بما فيها أصغر مؤسسة( الأسرة)، وكذلك المدرسة ليكون العمل التطوعي ثقافة سلوك يومي يقوم بها الفرد دون أن ينتظر من يشجعه عليه بما يسهم في تماسك المجتمع وحل مشكلاته سريعاً، وهذا يحتاج للتأهيل اليومي والاستفادة من التجارب الناجحة و تعميمها.
وبيَّن القربي أهمية الانطلاق بطاقات جيل الشباب من ثقافة الاستهلاك إلى العمل والإنتاج بدل انتظار الفرصة وعدم القدرة على تحمل المسؤوليات، أو إضاعة الوقت بعيداً عن تنمية المهارات وتوجيهها إلى المكان الصحيح، ومن هنا تنبع أهمية دور العمل التطوعي والخدمة الاجتماعية كبداية لبناء المجتمع.
* العمل التطوعي ثقافة رفيعة المستوى..
من جانبها تقول الدكتورة والباحثة الاجتماعية سلوى شعبان أن العمل التطوعي يعد ثقافة رفيعة المستوى تهدف لخدمة المجتمعات وتنميتها، وهو مؤشر لرقي الأمة وركيزة من الركائز المهمة للتماسك والتعاضد بما يحقق من نتائج إيجالية كثيرة.
وتشير شعبان إلى أن مالمسناه أثناء الحرب وحتى الآن كيف وقف الشباب بالمئات في كل مكان للتطوع والدفاع عن تراب الوطن عبر تقديم الخدمات المناسبة والمساعدة في المناطق المنكوبة معبرين عن تربيتهم الأصيلة وحبهم ووفائهم لوطنهم.
ومن هنا – بحسب الباحثة شعبان – يصبح التصدي لكل ماشوَّه وجودنا واجباً وطنياً يبدأ من أبسط الممارسات اليومية في حياتنا وحياة الشباب الذين انطلقوا مسلحين بالوعي الوطني، ولحصد النتائج الكثيرة من خلال المشاركة بالأنشطة المجتمعية والبيئية والاقتصادية والتعليمية والحرص على تقوية مهاراتهم المختلفة.
وتحدثت شعبان عن تجربتها في التدريب التنموي كتجربة غنية فيها الفائدة المتبادلة وخاصة أن هؤلاء الشباب وبأعمار مختلفة وبيئات متباينة ومستويات تعليمية متنوعة كانوا نماذج حية لها في مجال عملها، وطريقة التأثير بهم من خلال مخاطبة عقولهم وسماع أفكارهم الخلاقة التي كانت البذرة الأولى لمشاريع بدأت على الورق وانتهت على أرض الواقع، مشاريع تنموية اقتصادية أو تعليمية ومهنية، فتدريبهم والعمل على تقوية مهاراتهم المميزة وتشجيعهم على الاستمرارية تجعل من المتدرب فرداً فعالاً متميزاً في مجتمعه يعوَّل عليه في بناء المجتمع.
* الخدمة المجتمعية تركت أثراً إيجابياً..
ولتسليط الضوء على بعض التجارب لدى الشباب أوضحت المتطوعة في مؤسسة بصمة شباب سورية هلا عيسى عن تجربتها في العمل التطوعي منذ بداية ٢٠١١ حيث انتسبت إلى بصمة شباب سورية كونها مؤسسة تطوعية غير ربحية وتضم فريقاً شبابياً تطوعياً، خاصة وأن سبب تسمية المؤسسة بهذا الاسم حتى يكون لكل شخص فينا بصمة وأثر إيجابي بمحبة وعطاء في مسيرتنا.
وتقول عيسى إن تطوعي في مؤسسة بصمة شباب سورية في اللاذقية كان له الأثر الإيجابي في خدمة مجتمعي والتنمية المستدامة، وإعادة البناء والاستمرار في طريق الخير من خلال المشاركة في حملة الياسمين المتضمن “مشروع شفا”لتقديم العلاج المجاني لأسر الشهداء، ومشروع شامخون في رعاية وتقديم التجهيزات الطبية للجرحى من العسكريين والمدنيين مااعطاني دافعاً لأنمي قدراتي التي أحب في مجال التدريب ومواصلة عمل التطوع ونشر ثقافة الوعي إذ تخصصت في مجال التنمية البشرية وحصلت على آجازة مدربة معتمدة من أكاديمية know how عن حقيبتي التدريبية في مجال التفكير الإيجابي” وهي خطوة في مجال توعية الشباب السوري لأهمية الاستخدام الواعي لعقولنا وأفكارنا وقدراتنا والطاقات الكامنة فينا كشباب سوري واع ومسؤول بطريقة إيجابية، وبالعمل الجاد والمستمر لإعادة بناء بلدنا الحبيب والنهوض به لتبقى سورية منارة للعالم أجمع.
فالشباب السوري كنز وبناة المستقبل المشرق.