الثورة_محمود ديبو:
من دمشق إلى السويداء وحمص وطرطوس وحلب وصولاً إلى دير الزور بدأنا نسمع أخبار افتتاح مهرجانات التسوق بمناسبة العام الدراسي الجديد، وهي خطوة تكاد تتحول إلى تقليد سنوي، والمعلن منها أنها تأتي لمد يد العون للأسر محدودة الدخل لمساعدتها على أعباء مصاريف المدارس، حيث تقوم تلك المهرجانات والأسواق بطرح منتجات واحتياجات مدرسية من لباس وقرطاسية وحقائب وغيرها من مستلزمات الطالب، وبأسعار منافسة بحسب ما يتم الإعلان عنه، أي بتخفيضات عن أسعار السوق تصل إلى 20% وربما أكثر.
إلى هنا يبدو المشهد جميلاً ولعله يعتبر ضرورة في ضوء معطيات الواقع الاقتصادي الحالي ومستويات الغلاء غير المبرر الذي لا يتوقف عند حد..
الملاحظ في هذه المهرجانات أنها تقام بالتعاون ما بين الجهات المعنية في المحافظة والسورية للتجارة وغرف الصناعة والتجارة، وتحضر الجهات المنتجة والمستوردة على تنوعها لتقدم منتجاتها للمستهلك لكسر حلقة الوساطة التجارية ما بين المنتج والمستهلك من تجار المفرق والموزع ونصف الجملة وباقي الحلقات التي تعددت إلى الحد الذي بات معه المستهلك يشعر بأنه متكفل بتأمين دخل تلك الحلقات الدخيلة على العملية التجارية..!
الملاحظ في هذه المهرجانات أنها تُستغل من قبل البعض الذين يذهبون بعيداً في تسميتها مهرجانات الخير وكأنهم يمنون على المستهلك ببعض من التنزيلات وربما العروض التي خبرناها سابقاً ولم يعد يسيل لها اللعاب وربما هي تدحض مقولة (من المنتج إلى المستهلك) بمجرد الاطلاع على مستويات الأسعار لبعض السلع والمنتجات المعروضة في تلك المهرجانات.
وبعيداً عن ذلك نرى أن حضور كافة الأطراف في هذه المهرجانات يدعونا للتساؤل عمن يرفع الأسعار في الأسواق، ثم أيضاً ألا يجب أن يؤثر افتتاح هذه المهرجانات في عدة محافظات على مستويات الأسعار في الأسواق بحيث تنخفض وتتراجع إلى مستويات أقل مما هي عليه الآن..؟؟
بمعنى آخر ألا يجب أن يكون لهذه المهرجانات تأثير مباشر على الأسواق، طالما أنها تقول أنها موجهة لدعم المستهلك ولتقديم العون له وتجنيبه الاستغلال من قبل بعض التجار في الأسواق.. وخاصة في مواسم المدارس..؟؟ والبعض وصفها بأنها عملية تدخل إيجابي لصالح المستهلكين…
وأين دور غرف الصناعة والتجارة في التأثير بالأسواق أم أن دوهم فقط يقتصر على المطالبات المستمرة من الحكومة بضرورة إعفائهم من الضرائب والرسوم وتقديم التسهيلات المستمرة والمزايا والعطايا دون أن يبادروا إلى تقديم خطوة إيجابية تجاه المستهلك… لقاء كل ما يحصلوا عليه من الحكومة؟
ألا يجب أن يشعروا بضرورة تخفيف نسب أرباحهم التي باتت تتجاوز النسب المسموحة بها ليس محلياً فقط وإنما عالمياً، والانتهاء من ديباجة (الحصار الاقتصادي على سورية، وصعوبة تأمين المواد، ونقص حوامل الطاقة وغير ذلك..)؟
ذلك أن مثل هذه المبررات وإن كانت واقعية إلا أنها لا تبرر أن تصل نسب الأرباح إلى أضعاف ما كانت عليه قبل سنوات الحرب العدوانية لنصل إلى نتيجة هنا أن بعض الموردين والمنتجين حققوا في السنوات الأخيرة أرباحاً لم يكونوا يحلموا بها تحت ذرائع الحصار والصعوبات الاقتصادية، من خلال التحكم بالأسواق وفرض أسعار محددة واستمرارهم برفع أسعارهم..
وعليه فإن الدعوة مفتوحة اليوم لأصحاب الفعاليات الاقتصادية للتأثير الإيجابي بالأسواق ليس فقط في أيام المهرجانات، وإنما على مدار العام ليكونوا فعلاً ملتزمين بمبادرة (الخير) التي عنونوا مهرجاناتهم بها في محاولة منهم لإظهار حجم (التضحية) التي يقدمونها بالتنازل عن 20% من ثمن السلعة، ولكن في الحقيقة هم لا يتنازلون عن أي شيء لأن هذه النسبة هي نسبة تجار المفرق ونصف الجملة والموزعين إذاً هم لا يقدموا شيئاً للمستهلك ويحافظوا على مستويات أرباحهم دون أي نقصان لأن ما يقدمونه لا يمكن اعتباره تخفيضات بالمعنى الحقيقي..
ومع ذلك هي خطوة تبدو جيدة ومفيدة ويمكن تكريسها، لكن على ألا تبدو وكأنها فضل يفيض على المستهلك (الفقير) من قبل (سيد غني) متفضل…!!