عندما تقول روسيا إن العالم يسير نحو التعددية القطبية، فهي تعي ما تقول، وعندما تؤكد أن الغرب لا يمكنه أن يوقف تشكل هذه التعددية، فهي على يقين أن زمن الأحادية القطبية قد انتهى إلى غير رجعة، ولم يبق في عمره السياسي إلا القليل، وذلك لأن العالم متعدد الأقطاب أصبح مطلبا للجميع، وروسيا إلى جانب الصين من أوائل الدول المعنية في قيادة هذا التغيير المهم في العلاقات الدولية.
وتختصر تصريحات المسؤولين الروس على مختلف مواقعهم، الرغبة العريضة لدى معظم دول العالم في الشرق والغرب للتحول عن العصر الأميركي المتوحش الذي نشر الموت والخراب والدمار في كل مكان من هذا العالم المترامي الأطراف، ووصلت ارتداداته حتى إلى قلب أميركا نفسها وغالبية الدول الأوروبية التابعة لها، على شكل هجمات إرهابية أو صعوبات اقتصادية ومعيشية كالتي تعيشها هذه الدول في الفترة الحالية نتيجة لسياساتها الداعمة للإرهاب، ولسياسة العقوبات والحصار التي تتبعها هذه المنظومة ضد بعض الدول وخاصة سورية وروسيا.
فالتنمية القائمة على السيادة والاستقلالية خير من التنمية الخاضعة للشروط المسبقة والابتزاز والهيمنة، ناهيك عن أن الإمبريالية الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية قد عمدت منذ عشرات السنين إلى نهب مقدرات وخيرات الشعوب التي وقعت تحت براثن الاستعمار والاستغلال الغربي الإمبريالي ، بأشكال متعددة وليس أقلها ربط اقتصادات هذه الدول بالاقتصاد الإمبريالي وتكبيلها باتفاقيات قروض البنك الدولي، كي تبقى هذه الدول تتخبط في مسيرها دون أن تبصر النور.
وعليه لا يمكن لأي دولة.. كبيرة كانت أم صغيرة، أن تحيا بمفردها دون علاقاتها مع الآخرين، وإن التعاون بين الدول القائم على المساواة هو الكفيل بتحقيق التقدم والازدهار للشعوب ونشر السلام والاستقرار في أنحاء المعمورة، وهذا لا يتحقق إلا في عالم متعدد الأقطاب تتوازن فيه القوى، وتتساوى فيه الحقوق، بعيدا عن الأحادية والهيمنة والبلطجة التي ذاقت معظم شعوب العالم ويلاتها وآلامها.
السابق