“ما يزرع داخل أنفسنا ينبت على ملامحنا” مقولة للكاتبة جين أوستن، كذلك كلّ ما يزرع حولنا ينمي ذائقتنا وتشتعل له حواسنا خاصة إن أصغينا لمفاهيمه الجمالية، فإننا نقفز نحو حس يستقر فينا، كلّما احتمينا ببيئة تنميه يستمر في تطاوله المتقد.
إنها حالة مثالية إلى أبعد حد…!
بل وتبدو نخبوية متوفرة في حدود ضيقة، ومساحة الاعتياد على التردي تتسع، فيما تبدو علامات ذائقة حقيقية في أضيق الحدود، بل وقد يراها البعض متجهمة ولا تناسب عهدنا التكنولوجي، حيث الانفلات يمكنه أن يسفر يوماً عن فنون وجماليات عصرية مبتكرة.
مؤيدو هذا المنحى يحتاجون إلى بعض الوقت لإثبات نظرتهم، فحتى الآن كلّ ما يسيطر لا يبدو داعماً لأي تقدم قريب، الجماليات الكلية مفتقدة واجتزاءها يعيق تشكيل تياراً يمكنه التأثير على بنية مجتمع متآكل.
الفن والجمال والتذوق الفني.. مقاربات تجعل حوارك مع الكون يفضي بك إلى اعتناق فلسفة تتميز بالتغير الدائم، بعده لا يهدأ الفن وفي الكثير من مواضع حواره سيلتقي مع بيئته، ويتمكن من جذب بشر حين تعينهم على تلمس مواضع جمال تتفق وسياقهم المعرفي لن يتكبدوا عناء الذهاب إليها، بل سيتلبسهم بيسر وسهولة.
بالطبع لن نعيش مع ذائقة متشابهة بأي حال من الأحوال، لأن التلقي يكون وفقاً للخاصية الذاتية والشخصية للمتلقي بالدرجة الأولى، ومدى الاستعداد للتشبع وفتح الروح على مصراعيها في مرحلة تالية…
لاشك أن مجتمع يعلي من شأن الجماليات أينما وجدت، سواء في الفكر، أو العمارة، أو الفنون.. ستنعكس الروح الجمالية المتفردة على أبنائه بشكل يتوازى مع قدرتهم على الارتقاء بذائقة كلما نهضت واكبها سلوك بفضي بنا إلى كلّ مناخات الحياة الباعثة لفهم حضاري.
اعتناق المذاهب الجمالية، يجعل تلك الذائقة الجمعية تدرك أنه كان بوسعها تجنب مآسيها فقط لو أنها حاذرت كلّ تلك الحمم التي رميت في وجهها يوماً، وتلقفتها وغاصت فيها دون أية مقاربات فلسفية وفكرية وفنية توقد الحواس الخمس…!