عندما يحضر الشيطان الأميركي في تفاصيل الخراب العالمي وفي كل الحروب وتداعياتها على اقتصادات الدول وأمن واستقرار شعوبها، يغيب الدور الأممي وتنكمش فاعلية المنظمات الدولية حد التلاشي، وتبتلع المؤسسات الحقوقية الإنسانية لسان إداناتها ويشيح المجتمع الدولي برمته أنظاره عن الحرائق الاقتصادية وفيروسات الأمراض والأوبئة المعدة في مختبرات صناعة الموت الأميركية.
بين الشرق والغرب وعلى امتداد الرقعة العالمية ترمي واشنطن عيدان ثقابها في مسعى محموم لاستعادة دور عالمي تآكل وتنخر سوس الهيمنة قوامه، وتزيد حدة استفزازها لبكين وموسكو بصب البارود على جبهات الاقتتال لإحراق سبل الحواروالتفاهمات ومنع احتواء الازمات.
استمرار ضخ أسلحة بالمليارات لتسعير نيران الأزمات، والميزانيات المفتوحة من وزارة حروب واشنطن لتأزيم اأوضاع وسحب صواعق التهدئة الدبلوماسية في تايوان وأوكرانيا، والشد على أيدي نظام كييف والانفصاليين في تايبيه لإبقاء بؤر التوتر لاهبة، تظن أميركا أنها بذلك ستشغل موسكو وبكين وتزيحهما عن خريطة منافستها عالمياً والبروز كقطبين لهما حضوراً طاغياً وقوياً عالمياً .
ما يجري في العالم اليوم من اضطرابات وتوترات محراك شرورها واشنطن، فتورم أطماع الهيمنة هو ما يقود خطوات الجنون الهستيري لتأجيج الحرائق والعبث بأزرار استقرار الدول وأمنها الاستراتيجي، وتلمس حكام البيت الابيض عجزهم عن تفكيك عرى التحالفات القوية بين دول لها ثقلها العالمي بات يفقدهم أدنى حدود الاتزان السياسي والدبلوماسي للتعاطي مع الملفات الساخنة.
ألم يقر أثعلب السياسة الاميركية) هنري كيسنجر بالأخطاء القاتلة المرتكبة من إدارة بايدن بقوله (نحن على حافة الحرب مع روسيا والصين بشأن القضايا التي أنشأناها، دون أي مفهوم لكيفية نهاية هذا، أو ما الذي من المفترض أن يؤدي إليه).
رغم هذا المجون الهستيري والجنوح نحو عسكرة الملفات الدولية ومحاولة إبقاء العالم على صفيح مشتعل من ازمات وحروب ، نقول ليس كل ما تسعى اليه واشنطن ستدركه، فكل المؤشرات تدلل على ان اميركا فقدت تفردها بالقرارات العالمية، وبات على مفاصل ادارتها توسيع عدسة رؤية المتغيرات وعدم النظر بعيون من زجاج للأمور، وإدراك تبعات الخطوات الرعناء في حقول الألغام .