الثورة – رشا سلوم:
شكلت فلسفة كانط الألماني محوراً مهماً في الفكر الغربي والعالمي وليس في مجال النقد العقلي فقط إنما في الأخلاق،
ومعروفة نظريته الأخلاقية الصارمة في هذا المجال.. ثمة من يرى أن كانط تلقى تربية قاسية على يد جدته فتركت أثراً على فلسفته.
من جديد يعود كتابه المهم نقد العقل أو العقل الخالص إلى الواجهة وهذا الكتاب كما تقول عنه الموسوعة الحرة
نقد العقل الخالص أو نقد العقل (الطبعة الأولى 1781، الطبعة الثانية 1787) هو كتاب ألفه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانت، ويعتبر من أكثر الأعمال تأثيراً في تاريخ الفلسفة ويعتبر المؤلف أول نقديات كانط، حيث أصدر كتابين نقديين بعده وهما نقد العقل العملي (1788) ونقد الحكم (1790).
في مقدمة الطبعة الأولى يشرح كانط ما الذي يعنيه بنقد العقل الخالص، أو المجرد متناولاً: «أنا لا أعني بذلك انتقاد الكتب والأنظمة، لكنني انتقد المنطق كله، مع احترام كل المعرفة التي قد تنتج مستقلة عن التجربة».
الانتقاد عملية تحقيق لأسس وحدود المعرفة البشرية، وهو امتداد لقدرة العقل البشري على التعامل مع الميتافيزيقا.
بنى كانط كتابه على عمل الفلاسفة التجريبيين مثل جون لوك ودافيد هيوم، الذي قال عنه أنه أيقظه من سباته الدوجماطيقي، كذلك الفلاسفة العقلانيين مثل غوتفريد لايبنتس وكريستيان وولف.
وقد وسَّع أفكاراً جديدة حول طبيعة الزمكان، وادعى تقديم حلول لنظرة هيوم للمعرفة البشرية وعلاقة السبب والتأثير، ورؤية رينيه ديكارت لمعرفة العالم الخارجي.
ويدعي أيضا أنه أحدث ثورة كوبرنيكية في الفلسفة مع إنشائه مذهب المثالية المتعالية، حيث يصرِّح فيه أن المعرفة البشرية لا تناسب الأشياء، لكن يمكن تسخير الأشياء لتناسب المعرفةوحسب مذهب كانط، فإن العقل البشري يُعدِّل العالم التجريبي جاعلاً المعرفة أمراً ممكناً.
وبقراءة جديدة لنقد العقل المحض ولفلسفة كانط صدر بدمشق عن دار التكوين كتاب مهم حمل عنوان ( فلسفة كانط في الرياضيات) يقول المؤلف:
إن عالمنا هذا لم يعد عالم الأسطورة والخرافة والسحر والشعوذة وما يتبعه من أوهام القائم على تصورات وغيبيات ولى زمانها واندثر، بل على العلوم المتمثلة في المشاهدة والتجربة والمختبر.
من هنا صار عالمنا على نحو مطرد عالم رياضيات وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي وما يقدمه من خدمة للبشرية جمعاء، لأننا في عالم يتبنى حقيقة العلم القائمة على الفحص والاختبار وحقيقة الرياضيات القائمة على الإثبات والبرهان، وليس على حقيقة قائمة على الإقناع والإيمان!.
أي دور يلعبه هذا الصرح الفكري، وأين تكمن الحقيقة، ولماذا نجحت الرياضيات؟ وكيف اجتازت كل الدروب الوعرة، من هنا كانت وظيفة النقد الأول عند كانط، “نقد العقل المحض” في معالجة الرياضيات من هذا المنظور الإبستيمولوجي، والتوصل إلى حقيقيتها المعرفية وغايتها).
كتاب: فلسفة كانط في الرياضيات
تأليف: دكتور عبد اللطيف الصديقي
إصدارات – دارالتكوين 2022.