هي النرجسية الأميركية، حيث ترسل قرودها الطائرة عسكرياً في أوكرانيا وسياسياً في أوروبا وإعلاميا أينما كانت التبعية الصحفية لها.. تتحدث عن وهن روسي في الحرب الدائرة في أوكرانيا قد يجبر الرئيس فلاديمير بوتين بوضع يده على الزناد النووي وكأنه انتصار لإدارة البيت الأبيض للحرب بالأداة الأوكرانية من الخلف مع روسيا.
جو بايدن لم يتخلَّ عن حربه مع موسكو بل لايزال يلقي الأوكرانيين في محرقة تلك الحرب والأوروبيين معهم .. يبحث عن تكبير لكرة النار وحرق لأي مفاوضات قد تحصل .. هو يدرك أن التفاهم الأكبر ليس بين كييف وموسكو، بل بين الكرملن والبيت الأبيض الذي لايزال يرمي بالأسلحة الثقيلة، ليس حباً بالأوكرانيين بل كرهٌ بالروس .. يسد كل الثغرات الدبلوماسية للمفاوضات، يضع اللصاقات التصعيدية على الأفواه التي تنادي بالتسويات حتى لو كانت أوروبية.
يتحدث بايدن عن حرب نووية قد لا تصل لأنفاسه، ولا مانع أن يختنق بها حلفاؤه الأهم من ذلك كله أن يدين موسكو ويوقف صعود العالم المتعدد الأقطاب الذي يخرج من رحم الأزمات التي تفتعلها واشنطن وتخسر فيها.
في حديثه عن احتمال استخدام النووي في الحرب الأوكرانية ألمح بايدن إلى إمكانية أن تكون النتائج هي نبذ موسكو .. هذا ما يهمه في الأمر عزلة روسيا التي قد تكسر عزلته السياسية.
يبرع الرئيس الأميركي في حرب الإشاعات أكثر من الخوض في الحروب السياسية والعسكرية، ولكنه يجيد الانسحاب أيضاً من خطاباته وتعهداته وتنبؤاته.
أعلنت روسيا اليوم التعبئة الجزئية للحرب التي تخوضها واشنطن بأجساد الأوكرانيين وأفواه السياسيين الأوروبيين ومدافىء القارة العجوز وعكازها الصناعي، بينما قفز بايدن إلى نهايات مسبقة لحرب قد تستمر طويلاً مشيراً إلى خيارات الأزرار النووية، يتنبأ كالعرافات ليس خوفاً على أوكرانيا بل سعي لتشويه الصورة الروسية، حيث تخوض موسكو معركة عالمية بينما يثرثر البيت الأبيض ويدفع بالأسلحة والوشايات لإثارة الذعر الأوروبي والتشويق الأميركي في حكايات يبثها عبر القردة الطائرة لأميركا في كل مكان.
قرود بايدن تحوم حول الأزرار النووية، بينما المعركة العالمية على الأرض تتحدث عن دفاع روسي مشروع بعد ثمانية شهور من الحرب أعلن التعبئة الجزئية وليس النووية!.