المشهد الدولي يترنح على صفيح ساخن بسبب الأزمات والحروب التي تشعلها الولايات المتحدة على أكثر من جبهة دولية، وانطلاقاً من الحرب التي يخوضها الغرب الجماعي بالوكالة ضد روسيا عبر البوابة الأوكرانية، فإن العالم يقف أمام منزلق خطير يهدد أمنه واستقراره، بسبب تداعيات تلك الحرب وتدحرجها نحو حرب شاملة، أعدت لها أميركا بالتعاون مع أتباعها الغربيين مسبقاً، لمحاولة إضعاف روسيا، وترهيب الدول الرافضة لنهج الهيمنة الأميركية.
اليوم يتناوب على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورتها الـ 77 زعماء الدول، وكبار مسؤوليها، لإلقاء كلماتهم، والتعبير عن مواقفهم إزاء القضايا الدولية الساخنة، ومعظمهم يؤكد مدى خطورة الهيمنة الأحادية، ويدعون للإسراع بتشكيل عالم متعدد الأقطاب تسوده العدالة والاحترام والمساواة بين الدول، وهذا يعكس بطبيعة الحال تطلعات الشعوب نحو مستقبل آمن تنتهي فيه النزاعات والحروب، وأحادية القطب، وتتوحد فيه الجهود الدولية لمواجهة التحديات التي تعاني منها البشرية على أكثر من صعيد.
أعمال الجمعية العامة للأم المتحدة، والاجتماعات واللقاءات المتعددة التي تجري على هامشها، تشكل فرصة ثمينة للمشاركين، لتغليب لغة الحوار على نهج القوة، وتجاوز الخلافات والانقسامات الحاصلة في ظل نزعة الهيمنة الأميركية المتفاقمة، فهذا أفضل لمستقبل العالم وأمنه واستقراره، ومن حيث المبدأ، يمكن التوافق بين الدول لإحلال السلام العالمي، وهذا يتطلب بالدرجة الأولى تخلي الولايات المتحدة وأتباعها الأوروبيين عن نزعتهم العدوانية وأطماعهم الاستعمارية.
صون السلم والأمن الدوليين، واحترام القوانين الدولية والمواثيق الأممية، هي في صلب عمل الأمم المتحدة ومنظماتها وهيئاتها المتعددة، ومجلس الأمن تقع على عاتقه المسؤولية الأساسية في هذا الشأن، ولكن الواقع يشير إلى أن هذه الهيئات الأممية كلها مختطفة من الولايات المتحدة والدول السائرة في ركب سياساتها التوسعية، لتبقى المشكلة المستعصية هي انعدام الإرادة السياسية لأميركا وأتباعها في الجنوح نحو العمل على إحلال السلام، ولاسيما أنها تخلت بالمطلق عن كل المعايير الإنسانية والأخلاقية التي من المفترض أن تحكم منظومة العمل الدولية.
وفي ظل التعنت الغربي المتمسك بإرثه الاستعماري البغيض، فإن الحل الأنجع هو أن تتعاضد شعوب العالم المتضررة من السلوك الغربي الهدام، ضد سياسة الغطرسة والبلطجة الأميركية، ولاسيما أن مسار الحرب في أوكرانيا، وما يتولد عنها من تداعيات ومفرزات، كلها تصب في مصلحة روسيا الساعية إلى جانب حلفائها وأصدقائها لترسيخ دعائم النظام العالمي الجديد، بما يخدم تطلعات الشعوب في إرساء السلام والأمن والاستقرار.