كما نسيت وزارة التربية وهي تقرر تحديد وزن الحقيبة المدرسية، أن تنفيذ القرار سيكون مربكاً لها.. إذا لا ميزان لوزن الحقيبة لا لدى الأهل ولا في المدارس ولا وقت لهذه المهمة الشاقة.. و لا إمكانية لديها لإخراج كتاب فصلي لكل مادة كما أعلنت.
فإنها نسيت أيضاً وهي تمعن في الحديث عن المنصات الرقمية والكتاب الالكتروني أن تفي بمهامها الراهنة قبل أن تنجز طموحاتها البعيدة.. فكان الكتاب “الورقي” معضلة شغلت الجميع وربما أحرجتهم أيضاً بما أن “الكتب البالة” ليست خياراً لائقاً على الإطلاق بوزارة راقية ذات صلة لصيقة بمعظم الأسر في بلدنا.. كما أنها تفضي إلى حالة إحباط لكل من تفاءل خيراً بتوجهات الوزارة بشأن انشغالها باستشراف مستقبل زاهر للقطاع التربوي.. تقنيات ورقميات و”أفق ديجيتال” كما نهوى ونحب جميعاً.
المشكلة تتعدى “همروجة الكتاب المدرسي” إلى ما هو أعمق ويتعلق بالطريقة التي ترتب الوزارة أولوياتها بموجبها!!
وهنا لا بد لنا من تسجيل إعجابنا بجرأة المعنيين في هذه الوزارة – التي نحب – في القفز فوق الوقائع وتجاهل الأساسيات للحديث بخطاب جذاب عن رؤاها المستقبلية.
لدى مديريات التربية في المحافظات أجنده مرهقة بكل معنى الكلمة تتعلق باستحقاقات ملحة.. بناء مدارس وتوسيع أخرى.. تأمين كفاية المدارس من المقاعد.. تجاوز مشكلة اكتظاظ التلاميذ في الصفوف.. الدوام النصفي.. تأمين وسيلة إنارة للحصة الأخيرة من دوام بعد الظهر.. تأمين التدفئة لمدارس المناطق الباردة.. وسلسلة طويلة من الأساسيات لا بد من تلبيتها قبل أي تصريح والإمعان في سرد حكايات الزمن القادم..
وزارة التربية هي وزارة كل بيت.. ومطرح اهتمام كل أسرة، لذا فليكن المعنيون فيها واقعيين وستكون الأمور أفضل.
هناك الكثير ممن يمكن أن يساهموا في بناء مدرسة لقرية تفتقر إلى مدرسة، كما أن معظم الأهالي لن يعترضوا لو رفعت الوزارة رسومها الرمزية قليلاً “تعاون ونشاط” بدلاً من اضطرارهم لشراء نسخة الكتب بمبلغ ٥٠ ألف ليرة لكل ولد من أولادهم.
لكن مع ما تشيعه التصريحات الراشحة عن الوزارة، من استنتاجات بأنها وزارة “مترفة” يحجم الجميع عن التبرع ويتذمر ذوي الطلاب من أي زيادة على الرسوم.. ومهما قدمت الوزارة سيكون ناقصاً أمام ما أوحى به “بوحها الحالم”.
الأفضل أن نظهر كما نحن.. وأن نطلق الوعود على قياسنا… لنتعاطف مع بعض ولتكن الوزارة والمجتمع الأهلي يداً واحدة في خدمة مستقبل أولادنا..
أما التصريحات والقرارات غير المدروسة فهي في غير مكانها.