سورية.. أهدت العالم حضارة الأبجدية

الثورة – أيمن الحرفي:
أهدت العالم ألف باء الحضارة عبر الأبجدية السورية.. فلا يخفى على أحد أن سورية تنتمي لحضارة عمرها آلاف السنين و الدلائل كثيرة تلك التي تعبر وتشهد بأصالة أمتنا و توفرها في التاريخ السحيق.. يقول عالم الآثار( جورج بيرو ): ” إن ابتكار الألف باء… كان حدثاً مهماً جداً، بحيث لا يمكن مقارنته بأي حدث في تاريخ الجنس البشري “.. و يوافقه بذلك عالم الخطوط القديمة ( شارل فيروللو): ” إن ابتكار الأبجدية هو أدهش ابتكار إنساني و أعظم حدث تاريخي استطاع الإنسان أن يثبته لأنه أنشأ نظام الكتابة المبسطة، الذي يستطيع الطفل أن يتعلمه دون مشقة.. لذلك سهَّلت لكثير من الناس الذين لم يكونوا يحلمون بالخلاص من الأمية أن يصبحوا في عداد المثقفين و المنتجين لأمتهم ووطنهم “.
بدأ تاريخ الكنعانيين حوالي مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، وفدوا من الجزيرة العربية، واختاروا مدينة “أوغاريت” رأس شمرا ليقيموا فيها حضارة عظيمة كانت الأمجد بين الممالك، وربطوها بمدنهم التي أنشؤوها على ساحل المتوسط / صيدا.. صور.. بيروت.. جبيل.. / كما تم الاتصال بينها وبين بلاد ما بين النهرين و شعوب بحر إيجة و مصر و آسيا الصغرى، و تمكن الكنعانيون الذين سموا فيما بعد الفينيقيين بسفنهم القوية المصنوعة من أخشاب شجر الأرز الضخمة، فصنعوا سفنا للقتال وسفنا للتجارة وتبادل السلع وبعضها لرحلات الاستكشاف البعيدة حتى أصبحوا أعظم قوة بحرية في العالم آنذاك حيث عرفوا الخلجان و المدن على طول ساحل المتوسط، و تعرفوا على الشعوب والبلدان، واكتشفوا المبادئ الأولى للملاحة البحرية بمراقبة النجوم و الشمس، وتبادلوا مع الشعوب التي عرفوها سلعاً وفكراً، ومارسوا الديبلوماسية وتركوا مجداً للأبناء، و كنزاً ثميناً لنا ورثناه عن أجدادنا الأوائل.. غير إن أعظم آثار الكنعانيين هو اختراع الأبجدية المؤلفة من ثلاثين حرفاً، وهي أقدم أبجدية معروفة حتى هذا التاريخ، وهي تشبه بألفاظها ألفاظ حروف اللغة العربية وترتيبها، بل فيها كلمات عربية صريحة مثل: نهر، اب أخ، يد، حلم، فكانت هذه الأبجدية أساساً للأبجدية الآرامية والنبطية و العربية، ثم انتقلت إلى الإغريقية الأولى، ثم اللاتينية و كانت بذلك أهم انعطافة حضارية فكرية في التاريخ. تقع أوغاريت( رأس شمرا ) على مسافة ١٠ كيلو مترات شمال اللاذقية و على رابية مطلة على البحر، تقع هذه المدينة و هي أهم عاصمة كنعانية طبقت شهرتها الآفاق لما ضم ثراها من منبع لا ينضب للأساطير و موئل للحرف الأبجدي أعظم حدث تاريخي في الإنسانية، تم اكتشاف هذه المدينة من قبل بعثة أثرية فرنسية برئاسة( كلود شيفر) عام ١٩٢٩، حيث بدأت الحفريات في التل الذي يحمل اسم ” رأس شمرا ” بسبب نبات الشمرة الذي يكسو سطحه، والآثار موجودة في متحف حلب و متحف اللوفر.

و أيضا تم اكتشاف القصر الملكي ومساحته عشرة آلاف متر مربع، و فيه مجموعة من الغرف المعدة لسكن الملك وحاشيته وأعوانه و موظفيه و حراسه وخدمه و مركباته و خيوله و لهذا القصر سبعة مداخل و خمس باحات و فيه قاعة كبرى لاستقبال الضيوف فيها مقاعد حجرية، و من أجمل القاعات في هذا القصر قاعة السفراء التي يتوسطها حوض كبير كانت تعيش فيه أجمل أنواع السمك، و يعد هذا القصر من الناحية المعمارية و الفنية رائعاً و عظيماً و فريداً، و من أوسع قصور الشرق الأدنى القديم، و قد وجدت فيه لوحة أبجدية على رقيم طيني لا يتجاوز طوله اصبع اليد في قاعة أمين السر بالقصر الملكي عام ١٩٤٨ بالإضافة إلى الكثير من اللوحات المتعلقة بشؤون الدولة كالرسائل المتبادلة بين ملوك أوغاريت و معاصريهم و كما اكتشف فيه فرن لشي الرقم الطيني المكتوب، كما عثر على تماثيل هامة مثل ” تمثال بعل ” و ” الرأس العاجي” و الحي الجنوبي و معبد بعل الأبجدية، و ما يدهش الباحث في هذا التاريخ أن الإنسان الذي وضع الأبجدية لم يكن لغوياً فحسب بل كان محارباً فذاً استطاع صنع آلة القتال، و كان تاجراً يعتمد الصدق وحسن المعاملة، و فناناً معمارياً أجاد تشييد البناء و تصوير الحياة الاجتماعية و الدينية و التجارية و الثقافية على الفخار و الحجر و العاج، كما تتميز الأبجدية بأنها تضم حروفاً ساكنة وحروفاً متحركة، و هي خالية من الحركات القصيرة كالفتحة أو الكسرة أو الضمة، و يقول (جورج سارتون) مؤلف كتاب تاريخ العلم في تعليل هذه الثغرة: “إن لب اختراع الأبجدية هو الدلالة على كل مخرج من مخارج الصوت بأقل عدد ممكن من العلامات و من دون حدوث لبس”.
كما ازدهرت في أوغاريت صناعات الفضة و الأسلحة و التماثيل و العربات والأقمشة و العاج، و زرعوا الزيتون و العنب واشتهر الكنعاني بمهارته التجارية و خبرته الاقتصادية، هكذا ورد من كتب الكثير من المؤرخين والباحثين أن قدماء الكنعانيين لم يكونوا سوى تجار ماهرين و ملاحين لهم خبرة مهنية و علمية و عملية، ويتميزون بروح رياضية.

آخر الأخبار
اختصاصات جديدة تعيد رسم ملامح كليات الشريعة  مشاريع الخريجين وتأهيلهم لسوق العمل على الطاولة   خرسانة المستقبل.. ابتكار سوري يحول الأمطار إلى ثروة مائية  التدريب والتأهيل.. فجوة بين العرض والطلب في سوق العمل  تصدير 11 ألف رأس من الماشية الى السعودية "المركزي" يمنح البنوك مهلة 6 أشهر لتغطية خسائر الأزمة اللبنانية بدء تنفيذ مدّ الطبقة الإسفلتية النهائية على طريق حلب – الأتارب الإحصاء.. لغة التنمية ورهان المستقبل "التربية والتعليم ": الإشراف التربوي في ثوب جديد وزير الداخلية يترأس اجتماعاً لبحث الواقع الأمني في ريف دمشق "المواصلات الطرقية": نلتزم بمعايير الجودة بالصيانة وضعف التمويل يعيقنا البنك الدولي يقدّر تكلفة إعادة إعمار سوريا بـ216 مليار دولار "صحة اللاذقية" تتابع 24 إصابة بالتهاب الكبد A في "رأس العين" حملة إزالة الأنقاض تعيد الحياة إلى شوارع بلدة معرشمشة سوريا والصين.. رغبة مشتركة في تصحيح مسار العلاقات زيارة الشيباني المرتقبة إلى بكين.. تعزيز لمسار التوازن السياسي هل تعوق البيانات الغائبة مسار التعافي في سوريا؟ شوارع حلب تقاوم الظلام .. وحملات الإنارة مستمرة التوغلات الإسرائيلية تصعيد خطير ينسف أي حلول دبلوماسية مرفأ اللاذقية يستقبل أضخم باخرة خشب قادمة من إندونيسيا