يعيش المرء حياته وفق نتاج فكره، حين يبرمجه بما يناسب مشبعات مخزون قراءاته وقناعاته التي يستقيها من فكر مفكرين أو فلاسفة، باعتبارهم رواد حضارة في وقت ما.. عندها يعمل ومعتنقوها على تعميمها بين مثقفي شعوبهم لتصبح أفكاراً ونظريات حضارة سائدة ورائجة..
لذا نجد لكل عصر مفكروه وحضارته، فالحضارة الغربية الحالية هي تلك التي بنيت على نحر الأمم وقتل الشعوب. غير عابئة بل مستخفة بالدم البشري. يعتمد فيها معتنقوها والبعض الناهل من نظرية ماركس ودارون.. أنها الأساس، متشبثين بالاصطفائية على أنها حضارة الحداثة.
يرسخ فيها العقل الغربي فكرة الهيمنة على العالم. عبر العيش (المنفلش) حيث لا أخلاقيات سلوكية، أو قيمية، بل هي السعي للملذات. ضمن منظومة تنتفي منها المظلة الاحترازية، وفق نيتشه، مؤكدين أن الحرية تعني غياب الأخلاق، بل إلغاؤها تماماً من تفاصيل الحياة الإنسانية.
الأمر الذي وضع قواعد جديدة لحياة الغرب، وأسفاً تعلّق بها بعض أبناء الجيل عندنا على أنها حضارة، يسعى لها شبابنا كأنها الحلم، الذي لن يتحقق إلا بالانغماس في متاهات ما يسوق لهم من انحدار أخلاقي يحطم بنية الجيل الشاب وينخر به كما تفعل الأُرضَةُ بالخشب ليصبح هباباً.
كل ما سبق يجعل المجتمعات تتهالك عبر مفردات تنتشر فكراً، وتنعكس سلوكاً حيث الربح بلا حدود، النمو بلا حدود، الاستهلاك بلا حدود، الحرية بلا حدود أو قيود، حتى استغلال الطبيعة جائر بلا حدود.. ما أدى لكسر قوانينها، فاقتحمت المحرمات بتجاوز ضوابط الأخلاق والقيم..
الفكر الغربي الذي يقود العالم اليوم مثير للاشمئزاز والقشعريرة، حيث يسعى لزرع ناتجهم بين الناس.. هو ما كرسته رايس على أنها الفوضى الخلاقة، التي صارت المنظومة الجامعة لأفكار الخمس المنحلة، التي يرغبون بنشرها لتكون مبرراً لهم في إقرار أي حرب عالمية..
يريدونها حرباً تزعزع الحياة على كوكب الأرض. لا يهم أن تقضي على ملايين البشر كتلك البيولوجية (الكورونا) التي صنّعوها.. مدعين براءتهم.. حتى انكشف أمرهم. حولوها عسكرية باستفزاز روسيا. المهم ألّا تكون ساحتها أرضهم قَطْعَاً.. فلا تطولهم بالتأثير على شعوبهم.
لماذا تحاول أميركا الترويج لحرب نووية قادمة.. تشي بها روسيا، على أنها ستستخدم النووي في حربها مع أوكرانيا لتسجيلها عالمية ثالثة.. ما كانت تريده روسيا هو استعادة أراضيها الطبيعية المغتصبة، دونباسك لوغانسك، خيرسون، زابوروجيا. عندها تحصن جغرافيتها..
هذا ما حدث بالفعل.. لذلك أجري التصويت لتقرير مصير شعوب هذه المناطق، تراوحت النتائج بين 87% و99% على ألا تدخل أوكرانيا ضمن الناتو، ما أغاظ أميركا وزيلينسكي. ووافق عليها مجلس الدوما بالإجماع، فهي واقع المنطق لإعادة توحيد الأراضي الروسية.
بعد الدوما، تُوقَّع الوثائق من الكرملين، ويصادق عليها الرئيس بوتين، بصفته المعني بتطبيق الدستور. هذه النتائج لم تستهو الغرب، بل وصفوها بانتهاك القانون الدولي، وأنها كانت قسرية ولا تمثل رأي السكان. طار منها صواب زيلينسكي الذي هاجم مراسم التوقيع في موسكو.
كما أعلن أنه لن يفاوض روسيا مادام بوتين رئيساً. وصراخه طالباً الانضمام للناتو ليس إلا تحقيقاً لمآرب أميركا التي تحاول كسر العظم الروسي، لأنه وحسب تصريح معظم المتحدثين باسم الاستخبارات الأميركية والكونغرس، لن تقبل أميركا بمنافس روسي في أي قرار عالمي.
هذا أهم ناتج للفكر الأميركي الذي يدعي الحضارة، غير عابئ بحياة الشعوب أو عدالة الحياة التي يجب تحقيقها بين المجتمعات الإنسانية..