من المعروف في تاريخ الصحافة الورقية أنها بدأت ثقافية أسسها كتاب وشعراء ومفكرون عرب، كانت تعنى بالشأن الفكري قبل أي شيء، ومن ثم تطورت إلى أن أخذت أشكالاً وألواناً مختلفة في السياسة والثقافة والاقتصاد والمنوعات..
واليوم غدا الشأن الثقافي في الوطن العربي مجرد ملء فراغ، لا قيمة له في الإعلام المقروء ولا المرئي مع أن الجميع يدعو إلى التنوير والعمل الثقافي من بعيد يصفقون له، من دون الاقتراب من عوالمه وزاد الأمر سوءاً أن الكثيرين استسهلوا هذا اللون من الصحافة.. إذ غدت عندهم مجرد أن يتابع أخبار هذا المبدع أو ذاك..أن يلتقط خبراً عن فنانة ما مع صورة..
وفي اللقاءات بالمواسم والأحداث الثقافية يظهر الضعف والعجز عند الدخلاء الذين لا يعرفون عن الكاتب أو الشاعر شيئاً ..يطرحون أسئلة صالحة لكل زمان ومكان لأنها لا تحمل معنى..
وفي الجعبة الكثير من الامثلة التي نخجل من ذكر أصحابها لأنهم فعلاً تطفلوا على المهنة، وغدوا فيما بعد أصحاب شأن في الإعلام الثقافي، يحلون ويربطون ويقيمون هذا وذاك، هل تصدقون مثلاً أن صحفية توجهت إلى مفكر عربي على مستوى الوطن العربي وبادرته بالسؤال: عرفنا على نفسك، ماذا تحب أن نسألك؟
لم تكلف نفسها عناء حتى قراءة صفحة واحدة عنه، ومن المؤسف أيضاً أن الكثيرين من العاملين في الإعلام من الرجال هم من يتبنون هذه النماذج ويسوقونها، وقد انسحبت الظاهرة لتصل إلى المنابر الثقافية، وأيضاً وراءها من يدّعون أنهم نقاد وهم أصحاب منابر إعلامية، يعملون في مؤسسات مرموقة.
ناهيك بما قدمه العالم الأزرق من أدعياء الكل صار شاعراً وصحفياً..ومناسبة الحديث ما جرى في معرض الكتاب مع كاتبة معروفة تقدمت منها مذيعة لتقول لها، وهي توقع روايتها: عرفيني بنفسك، ربما تكون المذيعة لاتقصد الإقلال من شأن الكاتبة، ولكنه أسلوب فج وغير منطقي، مبدعة توقع روايتها ومن المؤكد أنها معروفة ومشهورة، فماذا كان يضير المذيعة أن تكلف نفسها عناء السؤال: من هذه مثلاً، أو ذكر الاسم؟.
نحتاج فعلاً لا قولاً إلى إعلاميين يمتلكون أدواتهم الفعلية في الثقافة والفكر وكل ألوان العمل الصحفي ..
إعلامنا الثقافي ليس بخير وغير قادر على أحداث اختراق ما ولهذا أحاديث وشجون.