هي القارة العجوز تضيع في حساباتها.. أنف أوروبا يخطىء في شم الأنفاس السياسية والعسكرية الدائرة حولها في العالم. بل تتلمس الدول الأوروبية طريقها بعيني الرئيس الأميركي جوبايدن الذي ضعف بصره السياسي لدرجة أنه يرى الجبهات الأربعة التي فتحها على بلاده مع روسيا والصين وكوريا الشمالية وحتى في الشرق الأوسط جبهة واحدة هي أوكرانيا.. ولا يستطيع التمييز بأن القطبية الأحادية على أبواب الأفول وظهور عالم متعدد الأقطاب.. ورغم ذلك يفتح أبواب الجحيم للأوروبيين بعد أن وضع الأوكرانيين على فوهة النار..
الأمر أكبر من أوكرانيا يقول جوبايدن فالحرب هي حرب الناتو وأوروبا، وليس مساندة لكييف لم يذكر حتى أميركا بكلمة واحدة.. يعترف علناً باستنفار واستنفاذ كل حلفائه الغربيين خدمة للقطب الواحد حتى لو كلف ذلك الدخول في حرب عالمية ثالثة ولامانع لأنها ليست على أرضه ولا بجنوده …
هي حرب الحسابات الخاطئة لأوروبا التي يجني منها بايدن أرباحاً خاطئة أيضا ..
فما يطالب بايدن الأوروبيين بدفعه في أوكرانيا عسكرياً ولوجستياً وعقوبات على روسيا والدول الأخرى يدفع العالم لتمزيق الدولار واستبداله.. يدفع أوروبا لفتح حصالاتها النقدية والبدء بتوزيع ما تبقى منها دعماً لتدفئة مواطنيها الذين بدؤوا يتلمسون الصقيع على لائحات زيادة أسعار الطاقة.. وحتى الطعام.. المواطن الأوروبي لن يتفهم كثيراً غباء حكوماته فهو طالما كان بعيداً عن السياسة وقريباً من حفلات نهاية الأسبوع ..
الحكومات الأوروبية حتى اللحظة تحاول تجنب الاحتجاجات خاصة أنها احتجاجات حقيقية وليست مخططة في غرف الاستخبارات الخارجية..
أوروبا تحبس الأنفاس ..ألمانيا بدأت تتلمس حفرة الانهيار الاقتصادي.. فرنسا تخفض الأضواء لكي لا ترى الحقيقة المرة وماتبقى حتى اللحظة ينتظر معجزة أميركية ببقاء القطبية الواحدة.. حسابات أوروبا الخاطئة في فهم العالم الجديد تشبه كثيراً سلوكها التقليدي في الحفاظ على صندوق البريد في المنازل بينما يأخذ مواطنوها كل المواعيد على الانترنت.. هي لاتزال تبعث لواشنطن رسائل بالريشة والحبر وتنتظر الرد ببطء القرون الوسطى.. بينما تضعها واشنطن على جبهة الحرب بتصريح تلفزيوني من جوبايدن؟؟ يبدو أن استيعاب أوروبا لما يجري توقف عند انهيار الاتحاد السوفيتي.. وفهمها لسياسة روسيا والصين وكوريا والشرق الأوسط خاطىء وملتبس.. أوروبا لا تقرأ السياسات العالمية الجديدة وما يجري.. هي فقط تنتظر بريداً لن يأتي من أميركا..