ظافر أحمد أحمد:
تتوافق أصوات سياسية وإعلامية على تشبيه الأحداث في القارة الأوروبية بأنها زلزال سياسي، وهذا ما يؤدي إلى واقعية البحث عن توقعات مصير الاتحاد الأوروبي في ضوء ما ينتج من ظروف قد تؤدي إلى تصدعه وعودة دوله إلى خصوصياتها وهوياتها الوطنية، كما حدث في أنموذج بريطانيا المنسحبة منه.
المشهد الانتخابي الإيطالي أوصل حسب التصنيفات الأوروبية اليمين المتطرف إلى قيادة إيطاليا وهي دولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي وثالث أقوى اقتصاد ضمن دول الاتحاد الأوروبي وهي ضمن أكبر سبع اقتصادات في العالم وتنتمي إلى دول مجموعة السبع الكبرى.
والحكم في السويد أصبح في قبضة اليمين المتطرف وبنتيجة عملية انتخابات، وأصبح اليمين حاضراً وبقوة في برلمانات بعض الدول الأوروبية أبرزها فرنسا ثاني أكبر اقتصاد أوروبي حيث نافست ماري لوبان زعيمة أقصى اليمين في فرنسا بقوة ضمن سباق الانتخابات الرئاسية.
وإنّ التقديرات التي ترجح زيادة فاعلية الحضور اليميني المتطرف في باقي الدول الأوربية أقرب إلى الدقة من غيرها لأنّ البيئة التي أدت أساساً إلى صعود اليمين تتفاقم ارتباطاً بتوسع قناعات الشعوب الأوربية بأنّ السوق الموحدة وفرض القيم الموحدة..، لم تنتج الحلول الاجتماعية والاقتصادية المقنعة، وأنّ أحزاب اليسار والوسط في أوروبا فشلت في حل مشكلات شعوبها.
يضاف إلى ما سبق أن مفاعيل الحرب الأوكرانية بدأت تتظهر في خلافات حقيقية بين كبرى دول الاتحاد الأوربي تجاه التعامل مع أزمة الطاقة والأسعار وشؤون الدعم الداخلي للفئات الأكثر تضرراً، وأكثر ما توضح في ردود الفعل الأوروبية خصوصاً الفرنسية منها على إجراءات ألمانية بشأن إحداث صندوق للطاقة بموارد 200 مليار يورو لدعم الأسر والشركات الألمانية، وترتكز الانتقادات على وجوب اتباع مقاربات أوروبية موحدة، وأنّه من غير المقبول أن تتصرف الدول الأقوى اقتصادياً بحلول فردية لا تفيد باقي دول الاتحاد!
وترتكز برامج التيارات اليمينية الأوروبية المتطرفة على شعارات ومبادئ ترفض الارتباط مع الاتحاد الأوروبي، وتتمسك بالسيادة الوطنية وتغليب مصلحة الدولة على المصلحة الأوروبية، وتعادي الهجرة والمهاجرين وتعتمد سياسات كراهية الأجانب.
الرسالة الأبلغ جاءت على لسان لوبان من أقصى اليمين في فرنسا إلى أقصى اليمين في إيطاليا عندما هنأت ميلوني لنجاحها في (مقاومة تهديدات الاتحاد الأوروبي المتغطرس والمناهض للديمقراطية.).
وبعيداً عن شؤون اليمين المتطرف فإنّ لدول أوروبا الشرقية المنخرطة في الاتحاد خصوصيات متباينة عن دول أوروبا الغربية وهواجس اقتصادية وأمنية مختلفة وبعضها مندفع وبحماسة تجاه تفضيل مصلحة التحالف مع الولايات المتحدة على حساب كتلة الاتحاد الأوروبي.. وعند بولندا في هذا الشأن خبر يقين.