ميساء العلي:
رغم أن القانون 33 لعام 2009 كان واضحاً وحدد دور المحاسب القانوني وفق معايير المحاسبة الدولية والأنظمة والقوانين السائدة في البلد، إلا أن مصداقية الحسابات التي يقدمها للدوائر المالية ما زالت تقابل بالرفض من قبل الدوائر المالية، والتكليف من جديد بأرقام أعلى من تلك التي قدمها هذا المحاسب.
وكما هو معلوم فإن وزارة المالية تفرض على كافة الشركات تقديم بياناتها لها وتحديداً لـ «هيئة الضرائب والرسوم»، والمسألة هنا عندما تأتي حسابات غير صحيحة ومعظمها كذلك، تعتبرها الوزارة والهيئة غير صحيحة وتعيد التكليف من قبلها من خلال فرضها ضرائب أكبر مما تم تقديمه بالبيانات، وللأسف لا يتم محاسبة أحد، وكل ما يتم فعله فرض ضريبة جديدة كدليل لورود خطأ بالبيانات التي سبق للمحاسب أن قدمها.
480 محاسباً قانونياً مرخصاً له العمل من قبل جمعية المحاسبين القانونين في سورية وفق شروط وضعتها الجمعية، ليقوموا بتدقيق البيانات المالية للأشخاص وشركات الأموال بحيث تكون موسمة بختمه القانوني.
وعليه فإن من المفترض أن يكون المحاسب القانوني وسيطاً على العملية المالية في الشركات، لا بل وحريصاً على تقديم الحسابات بشكل صحيح ودقيق بما يخدم طرفي العلاقة «المكلف والإدارة» الضريبية، للحيلولة دون تحول تلك الآلية لوسيلة للتهرب من دفع الضرائب وينحرف المسار.
رئيس جمعية المحاسبين القانونين هيثم العجلاني وفي حديث خاص للثورة قال إن دور المحاسب القانوني واضح وينص عليه القانون 33، الذي حدد مسؤولياته وفق مواده ولا سيما 44 منه بحيث يعتمد بآلية عمله على خطة تدقيق لتحديد القوائم المالية.
العجلاني رفض أن يوصف المحاسب القانوني بالاحتيال بما يوافق مصلحة عميله، فهو يدقق على عدالة القوائم المالية وليس فحصها أو التفتيش بدقتها، ولا يجب تحميله مسؤولية بيانات غير مطابقة للواقع قدمها له المكلف الضريبي فهو يعتمد على دورة مستندية ووثائق وبيانات كاملة في عمله، موضحاً أن المحاسب القانوني ليس له أي دور تفتيشي يجمع بين تدقيق الحسابات وصحتها ، بعكس عمل أجهزة الاستعلام الضريبي التي تملك السلطة القضائية والعدلية والدور التفتيشي.
وأضاف العجلاني أن دور المدقق أخذ المستندات الكافية والقيام بعمله بشكل نظامي وهنا تنتهي مسؤوليته، منوهاً إلى أنه وفي قيامه باستخدام ختمه على بيان بدون أن يكون مطلعاً على المرفق لتلك البيانات، فهنا تقع المسؤولية عليه، والأمر الآخر إذا قام ببيع شهادته «كما يتم اتهامنا» دائماً فهنا مسألة أخرى.
وقال «نحن للأسف بالفترات السابقة كان كل فريق يعمل بشكل منفرد عن الآخر، واليوم ومن خلال التواصل مع المدير العام لهيئة الضرائب والرسوم وضعنا أطراً جديدة للتعاون وخاصة بعد مسألة الربط الالكتروني».
وبحسب العجلاني فقد جاء الوقت الذي لابد أن ينتهي فيه التشكيك بدور مهنة المحاسب القانوني التي تعد من أهم المهن في العالم، وتغيير النظرة لتبدأ الدوائر المالية بالعمل من حيث انتهينا، والتخلص من تضارب المصالح.
ولفت إلى أن الجمعية تقوم حالياً بالحد من تسريب بيع الشهادات، حيث سيكون العام 2023 مختلفاً عن سابقه لجهة التعامل مع الدوائر المالية كما تم توجيه المراقبين الماليين بقبول التكليف وليس رفضه بالكامل، ومنع الممارسات التي يقوم بها بعض المراقبين الذين يقنعون العميل أو المكلف بعدم التعاون مع الجمعية وأنهم سيقومون بهذا الدور، وذلك بعد الانتهاء من الحجة التي كان يروج لها المراقب المالي وهي مسألة إنجاز التراكمات الضريبية والعبء الكبير عليهم، حيث انتهت تلك الدوائر من إنجاز تلك التراكمات وحالياً تعمل على إنجاز تراكمات العام 2021
أستاذ المالية العامة بكلية الحقوق الدكتور محمد خير العكام قال إن هناك قانوناً ينظم عمل المحاسبين القانونيين ومحاسبتهم، مشيراً إلى أن قانون ضريبة الدخل يقول «إنه يجب أن يقدم البيان الضريبي من المكلف موقعاً من محاسب قانوني» وهذا لا يعني أن توقيع المحاسب القانوني يجعله مسؤولاً عن الخطأ الناتج عما زوده به المكلف من وثائق، فهو يعمل الإقرار نتيجة الوثائق التي يقدمها المكلف إذا كانت مطابقة للوثائق ولا يسأل عن الخطأ إذا كان هناك خطأ بين الوثائق والواقع، ويسأل عن ناتج عمله إلا إذا ثبت للإدارة المالية أن هناك تواطؤاً بين المكلف والمحاسب القانوني بالتهرب الضريبي.
وباتصال هاتفي مع المدير العام لهيئة الضرائب والرسوم منذر ونوس الموجود في مدينة حلب طلب التريث بالحديث عن هذا الموضوع كونه شائكاً.
ختاماً.. إنما ما تم ذكره من قبل الخبير القانوني والأستاذ الأكاديمي يمثل الحالة المثلى للمحاسب القانوني لكن هل الواقع بهذه الصورة؟
نعتقد وبحسب معلوماتنا أن دور المحاسب القانوني بأحد صورتين، أن يعد كل شيء من قبل محاسبة الشركة المعنية ويقتصر دوره على التوقيع والمهر بختمه، أو أنه هو من يعمل على إعداد كل شيء لمصلحة الشركة ومن ثم يوقع.