الزراعة ليست قمحاً وشجراً وما في القائمة وكفى، الزراعة هي صناعة الغد.. زراعة العقول والاستثمار فيها هي الأرقى والأنقى والأبقى..
بل ما نفع حقول قمح وبيادر حصاد إذا كانت العقول ملوثة غير قادرة على فعل الحياة والحب والخصب؟
ومن المعروف أن أفضل استثمار هو في العقول وفي أطفال اليوم ليكونوا رجال الغد.. ليكونوا المستقبل والحياة دائمة الازدهار.. وهذا لن يكون دون تعب وجهد وتعاون والعمل على اكتشاف المواهب والقدرات الإبداعية لدى كل طفل من أطفالنا.
ما من طفل ليس لديه جانب من موهبة تحتاج الرعاية والحنان والعمل على صقلها.. التفوق في أي لون من ألوان الدراسة هو موهبة.. هذا يتفوق في العلوم وذاك في الرياضيات وذاك في الموسيقى أو الرسم..الخ.
كلها جوانب مهمة.. فما بالك إذا تعهدنا أطفالنا بالرعاية والحنان والمثابرة وكانت القراءة هي الجانب الأوسع والأشمل..؟
الطفلة السورية المتميزة شام لم تلفت الانتباه فقط بل أثارت الإعجاب والدهشة وطرحت ألف سؤال على الجميع.. ونحن في المقدمة.. لماذا نهمل أطفالنا.. من يكتشف مواهبهم ويرعاهم.. هل المدرسة وحدها..؟
بالتأكيد ليست المدرسة وحدها وإن كانت هي نقطة الانطلاق.. الأهل هم أول من يكتشف ما لدى أطفالهم من اهتمامات ومواهب يجب أن تنمى بالتعاون مع المدرسة والمؤسسات المعنية بذلك.
وشام ليست أول طفل سوري يحصد ويصل هذه المكانة فقد قرأنا أكثر من خبر عن أطفال سوريين عباقرة في الرياضيات والشطرنج وغير ذلك.
قد تكون ظروف الحياة وما أقساها عائقاً أمام الكثيرين لاكتشاف ما لدى أطفالهم ولكن هذا ليس عذراً لأحد..
لدينا مؤسسات تربوية مهمة جداً تعنى بذلك ولدينا أيضاً جهات ناشرة لثقافة الأطفال وتقوم بما يجب عليها القيام به.. بل أكثر من ذلك تذهب إلى الأطفال والناشئة أينما كانوا ( تجربة اتحاد الكتاب في سورية ومديرية ثقافة الطفل أيضاً في وزارة للثقافة).
وفي مدارسنا يجب أن نعود إلى الاهتمام بالقراءة والمطالعة والعمل على تنمية الجوانب الإبداعية.. فليس الحفظ الصم وحده هو معيار أن تكون المتفوق الأول بعلامة تامة.. فقد يكون من حصل على درجات أقل هو الأكثر ذكاء وقدرة على الابتكار والفعل.
علينا أن نزرع لحصاد دائم لغد مزدهر وما من زراعة أثمن وأنقى وأبقى من زراعة واستثمار العقول.. ونتوق لئلا تكون هذه الحالة من الاهتمام موسمية وعابرة.. بل أن تتحول إلى منهج عمل يعمم..
تحية لكل طفل سوري.. تحية لطفلتنا شام.. والمجد لسورية صانعة أبجدية الحضارة واللون والثقافة وفعل الإنسانية.