يبدو أن لا شيء مجاني.. ولكل شيء فاتورة تُسدد عاجلاً وبشكل فوري، ولا يبدو أن موسم الزيتون يشذّ عن هذه القاعدة، إذ إن عصره بات مشكلة حقيقية تعاني منها محافظة اللاذقية مع كل موسم من مواسم الثمرة المباركة التي حملت سورية إلى المرتبة السادسة بين الدول المنتجة لها.
مخطئ من يعتقد أن المشكلة تكمن في الزيتون، أو أن المشكلة تكمن في أي شيء يتعلق به، بل المشكلة في طريقة التعاطي بيئياً ومحلياً مع مخلفات عصر الزيتون، إذ ليس من المنطقي أن تسمح الجهات المعنية بيئياً بصب مياه الجفت المعروفة علمياً بالمياه السوداء في مجاري بعض الأنهار تخفيفاً لإنفاقها أو توفيراً لتعب كوادرها، في الوقت الذي يكلف فيه تلويث مجرى نهر واحد الكثير الكثير مادياً وحيوياً وبيئياً، ليسدد أبناؤنا فاتورة التراخي، وربما الأذى الحاصل.
لا بد من طريقة للتعامل مع مخلفات عصر الزيتون سواء بإيجاد محطات معالجة محلية لتصفية المياه الناتجة، أم عبر التعامل معها من خلال المواد الكيماوية الكفيلة بفك كثافة المادة السمية الموجودة في مياه الجفت، وتحويلها إلى مادة صديقة للبيئة كما هو معمول به في كل دول العالم، ولاسيما أن المسألة غير مرهونة بالوقت، وليست آنية، بل هي زراعة اقتصادية مهمة وتشكّل جزءاً مهماً جداً من عمل وتخصص وهوية محافظة بأكملها.
لا شك أن تجاوب المكتب الصحفي في محافظة اللاذقية (كما هو دأبه) سيكون له الأثر الأهم في معالجة هذه المسألة، عبر توجيهها ضمن أولويات اللجنة المعنية بهذا الشأن والجامعة لتوليفة من الجهات العامة ذات الصلة بالأمر، ناهيك عن أن المعالجة الفورية ضرورة ملحّة، حتى لا تكون عمليات العصر مادة دسمة لمن هبّ ودبّ للإدلاء بدلوه بشكل خاطئ عبر المنابر، كما جرى سابقاً في مرتين.
المشكلة عامة وحلّها سهل، والمحافظة تحتاج كل شبر من أراضيها الزراعية لرفد الغذاء السوري وتأمين جزء ولو ضئيلاً من الدخل لأسرة كادحة رقيقة الحال، والمعاصر ليست كثيرة العدد قياساً إلى حجم الموسم، ولكنها كثيرة بالنظر إلى حجم الضرر الحاصل نتيجة غياب الرؤية والاكتفاء بالفرجة.
السابق
التالي