هو سؤال ليس بالصعب، فالطفل الذكي يدل على نفسه بسلوكه وعباراته واستفساراته، وبإمكاننا أن نكتشف نبوغه قبل الالتحاق بالمدرسة بسهولة ويسر، ولعل التعليم المبكر يساعد على تطوير مهارات أطفالنا، عبر الروضة، وعبر التعليم في البيت أيضاً.
ولا يكاد بيت من بيوتنا يخلو من الأطفال الموهوبين والمتميزين، ومن أصحاب المواهب الذين منحهم الله مؤهلات الإبداع والتميز، ونبوغ هؤلاء هو الذي يبني المجتمع مستقبلاً، ويبدل مجرى تطوره، ما يتطلب منا الاهتمام بهم ورعايتهم، وإشباع حاجاتهم من أجل مساعدتهم على التطور ونمو مواهبهم.
وقد أكد علماء النفس والاجتماع هذا الأمر، وتشعّب اهتمامهم بمظاهر النبوغ عند الأطفال، ففي دراسة حول ذكاء الطفل في عمر السنتين نشرت صحيفة أمريكية نتيجة تجربة أُجريت أمام أطفال بعمر السنتين، وكانت التجربة تقوم على فكرة توزيع قطع من البسكويت، وأكواب الحليب بطريقة غير متساوية على بعض الأشخاص، ما لفت انتباه بعض الأطفال ذوي العامين من العمر، وهذا الأمر أكد للباحثين أنّ هؤلاء الأطفال هم أصحاب ذكاء أعلى من غيرهم من الأطفال، حيث إنّ فهم فكرة المناصفة أو تقسيم الأمور بطريقة متساوية من الأمور التي يصعُب على معظم الأطفال تمييزها في هذا العمر.
ولاكتشاف نبوغ الطفل وتنمية مواهبه يشير خبراء الاجتماع إلى ضرورة الحرص على أن يكون للطفل اهتمام خارج المذاكرة وحفظ الدروس؛ فقد تكون الطرق التقليدية ليست ما يناسب الطفل كثيرًا، والاهتمام بميول الطفل وتفهمها، وتشجيعه على تنميتها، وتوفير الأدوات والوسائل والأنشطة التي تساعده على تنمية هذه الميول، وتوجيه الطفل توجيهًا صحيحًا يعزز قدراته ويشبع ميوله وحاجاته، ورصد مكافأة له عند عمل أي شيء مميز ولو كان بسيطًا، وعمل اشتراك له في نوادي العلوم أو النشاطات التي تناسب موهبته، حتى يمكنه تنميتها وتطويرها، والاستفادة في ذلك من بعض البرامج المتوافرة على شبكة الانترنت، والتي تفتح آفاقًا واسعة أمام الطفل.
ولا بد كما ذكرنا من أن يبدأ التعليم المبكر للطفل عبر ارتياد الروضة أو التسجيل في المدرسة، لأن ذلك يجعل مهارات الطفل تتطور بشكل أسرع مقارنة بالأطفال الآخرين من نفس عمره؛ فيبرز النابغة من بينهم، ويساعد هذا الأمر الآباء على اكتشاف مواهب أطفالهم.
وقد أثبتت الحياة أن من أجمل اللحظات في حياة الأسرة أن تجد بين أفرادها المتميزين، ممن يزينون وجودها فهم كالنجوم في كبد السماء في ليلة مقمرة، فما أجمل أن تظهر وتبرز في هذه العائلة مواهب خلاقة ونبوغ واضح المعالم عند أحد الأطفال أو أكثر، وهنا تبدأ مهمة الأهل الذين عرفوا الهدف من وجود هذا النبوغ والذكاء والتفوق بالشروع بسماع ما يقوله الطفل بكل تركيز وعناية وعدم إسكاته إذا أكثر في كلامه لمعرفة الأشياء التي يريد معرفتها، فقمع الطفل عند طلب معرفة ما يجهله يؤدي إلى انكفائه وقتل موهبته الظاهرة للعيان وعدم الاستفادة من ذكائه المتقد، فتموت عنده الفكرة الناضجة ونخسر بالتالي موهبة كان من الممكن الإفادة منها كما كان الأمر عند المخترعين والمبدعين والذين أفادوا العالم بمواهبهم ونبوغهم وتفوقهم، كما شاهد العالم وسمع الطفلة شام البكور ذات السبع سنوات والتي أشرقت وفخرت بها أمها المربية الفاضلة وافتخر السوريون بها، وكأنها قلعة ثقافية شامخة.
أخيراً لنساعد أنفسنا باكتشاف نبوغ أطفالنا قبل المدرسة ليكونوا لبنة في مدماك مجتمع ملؤه العلم والمعرفة والبناء ليواكب الأمم في تقدمها وتطورها، فكم من أبناء بعلمهم ونبوغهم تركوا بصمة يشهد بها القاصي والداني على مدار الأيام فالنبوغ في الصغر نعمة علينا الاهتمام بها ورعايتها في كل زمان ومكان.
جمال شيخ بكري