الدول الضامنة جددت في البيان الختامي للاجتماع الدولي التاسع عشر بصيغة أستانا تأكيد التزامها الراسخ بسيادة سورية واستقلالها ووحدتها ورفضها المخططات الانفصالية، وشددت على ضرورة مواصلة مكافحة الإرهاب، ورفع الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب.
مخرجات البيان الختامي تشكل من الناحية النظرية المسار الصحيح للوصول إلى حل سياسي ينهي الأزمة، ويخلص السوريين من معاناتهم من جراء الحرب الإرهابية ومفرزاتها من حصار غربي خانق، ولكن المشكلة دائماً تكمن في عملية التطبيق الفعلي على الأرض، وهذا ما لاحظناه خلال العديد من الاجتماعات واللقاءات السابقة التي عقدت ضمن مسار “أستانا”، حيث كل مخرجات تلك الاجتماعات لم يتم ترجمتها على أرض الواقع عملياً، بسبب العقبات التي يزرعها النظام التركي كضامن للإرهابيين، وإصرار مشغله الأميركي على مواصلة تفخيخ المسار السياسي، ودفع كلا الجانبين للأمور نحو إطالة أمد الأزمة لمحاولة تكريس وجودهما الاحتلالي.
اجتماع أستانا تم عقده على وقع الاعتداءات التركية على الأرضي السورية، ومواصلة الاحتلال الأميركي سرقة المزيد من النفط السوري، وكذلك المحاصيل الزراعية بالتعاون مع ذراعه الإرهابي “قسد”، ما يشير إلى أن النظام التركي ليس بصدد مراجعة حساباته وتقديراته الخاطئة، وإنّما الاستمرار في وضع العراقيل والمطبات السياسية والعسكرية أمام أي جهود دولية ترمي لوضع حد للحرب الإرهابية، إذ لايزال هذا النظام يدعم فلول التنظيمات الإرهابية، ومازال يحتل جزءاً من الأراضي السورية في الشمال، وهذا يتناقض بالمطلق مع مبدأ الالتزام القوي بسيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها.
استمرار الأميركي باحتلال أجزاء من الأرض السورية ومواصلة نهب ثروات السوريين، ودعم الأجندات الانفصالية لميليشيا “قسد”، يتناقض كذلك مع موجبات الحل السياسي الذي أجمعت على متطلباته الدول الضامنة، الأمر الذي يتطلب جهداً دوليّاً مضاعفاً لإلزام الولايات المتحدة بإخراج قواتها المحتلة، والكفّ عن دعم فلول “داعش” والتنظيمات الإرهابية الأخرى، والتخلي عن أجندات التقسيم التي تعدها، والتوقف عن تحريض “قسد” على عدم الانخراط بأي نوع من الحوار مع الحكومة السورية.
كما أنّ العقوبات الجائرة التي تفرضها أميركا وأتباعها الأوروبيّون تحت مسمى “قانون قيصر”، لها بالغ الأثر أيضاً في زيادة مفاعيل الوضع الاقتصادي الذي يعيشه السوريّون، وهي تشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، لكونها تمس المواطن السوري في حياته ولقمة عيشه، وهي بذلك تشكل انتهاكاً سافراً وفاضحاً للقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني، ما يستوجب على المجتمع الدولي وبشكل خاص الأمم المتحدة، الاضطلاع بمسؤولياتهم في هذا الشأن باعتبارها القيمة على القانون الدولي الإنساني، فرفع هذه العقوبات سيساهم في تحسين الأوضاع المعيشية للسوريين، ويسهل عودة المهجرين بعدما هيأت الدولة السورية الأرضية المناسبة لعودتهم برغم قساوة الحصار والعقوبات.