الثورة _ فاتن دعبول:
ضمن احتفالية “أيام الثقافة السورية” التي تقام هذا العام تحت شعار “تراث وإبداع” أقامت وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتاب، حفل تكريم الفائزين بجوائزها الأدبية لعام 2022 “جائزة حنا مينه للرواية، جائزة سامي دروبي للترجمة، جائزة عمر أبو ريشة للشعر، وجائزة القصة القصيرة الموجهة للطفل” وذلك في قاعة المحاضرات الرئيسة في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق، وقدم الحفل د. محمد قاسم.
وقبل حفل توزيع الجوائز افتتحت د. لبانة مشوح وزيرة الثقافة معرض الوثائق والمخطوطات ودوريات كانت قد صدرت في بلاد الاغتراب، ضم العديد من المخطوطات النادرة والصحف والدوريات الهامة التي كتبت بأيد سورية، وباللغة العربية.
وبينت د. لبانة مشوح وزيرة الثقافة أن الأيام الثقافية لهذا العام حملت عنوان “تراث وإبداع” لأننا مصرون على تجذرنا الحضاري والثقافي، دون أن نكون أسرى للماضي، بل نريد أن ننطلق من ذاك الماضي لنبني إبداعاً جديداً يتأصل فيه التراث ويتجسد دون أن يمحى أو يتبدد.
وأضافت الوزيرة: إن معرض المخطوطات النادرة والثمينة والتي لها خاصية محددة، تعرض اليوم بهوامش تؤرخ لملكية هذه المخطوطات وتوثق رؤية العصر الذي وجدت فيه وللفكر الذي كان سائداً والأشعار والحكم والعبارات التي تعطي فكرة عن المنهج الفكري في تلك الآونة.
وأوضحت أن المعرض يضم أيضا الصحف العربية التي طبعت ونشرت في المهجر واستطاعت مكتبة الأسد بجهود كبيرة من وزارة الثقافة جمع هذه الصحف القديمة التراثية التي تعكس حياة المهاجرين السوريين والجالية السورية في المهجر التي تمسكت بلغتها العربية، ونقلت إلى بلاد المهجر فكرهم وثقافتهم وعلومهم الراسخة في وجدانهم.
وعن تكريم الفائزين بالجوائز التي أصبحت تقليداً سنوياً في وزارة الثقافة والهيئة العامة للكتاب، بينت وزيرة الثقافة أنها جوائز تحفيزية للإبداع وتحسين الإنتاج الأدبي، ومن الأهمية بمكان أن التنافس يزداد وعدد المشاركين يزداد، وقد خصصت جوائز للمبدعين الذين كرسوا وجودهم الفني والثقافي من أجل الثقافة، كما استحدثت في هذا العام 2022 جائزة أفضل نص مسرحي، وأفضل سيناريو، وأفضل نص شعري مغنى، وسيكون هناك جائزة لفرق الإنشاد “الكورال”، فالجوائز والمسابقات تفتح باباً للمنافسة الإيجابية، ووزارة الثقافة تقدر الإبداع وتحتضن المبدعين وترعاهم..
ولفتت بدورها إلى أهمية إتقان اللغة العربية وإتقان أدوات التعبير، في المدارس والجامعات، ومن ثم في الفنون الأدبية، لأنها العنصر الأساس الذي يجب أن نتمسك به.
وبين إياد مرشد مدير عام مكتبة الأسد الوطنية أن المعرض يأتي هذا العام بمناسبة أيام الثقافة ويتناول جانبين:
الجانب الأول يتعلق بالمخطوطات وهو الأكثر تخصصا هذا العام لأنه يتحدث عن التقييدات الموجودة على هوامش المخطوطات، والقسم الثاني من المعرض خصص للدوريات الواردة إلى مكتبة الأسد من بلاد الاغتراب.
وبين بدوره أن الهدف من المعرض هو الترويج لما تحتويه مكتبة الأسد من وثائق ومخطوطات ودوريات، وتعريف الجمهور أننا نمتلك تلك الكنوز من التراث الثقافي الهام، والاطلاع عليها يعد فرصة ثمينة لأي قارىء وباحث، ونؤكد من خلال المعرض على أهمية التراث العلمية والفكرية والثقافية، وهو بالطبع ثمرة العقول المبدعة، وأن سورية دائما تشكل رافدا أساسيا للحضارة الإنسانية.
حفل التكريم
ووسط حضور لافت من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي، تم إعلان نتائج مسابقات وزارة الثقافة في الرواية والشعر والقصة الموجهة للطفل، وبين مدير عام الهيئة العامة السورية للكتاب أن هذه الجوائز أسست لتشكل دعما وتشجيعا ماديا ومعنويا للمبدعين السوريين، من خلال لفت الأنظار إلى أعمالهم ونشرها والترويج لها.
وأوضح بدوره أن الأعمال المقدمة إلى الهيئة وصلت على مدى أربعة أشهر، وشكلت لجان تحكيمها من خيرة الأكاديميين والكتاب المعروفين بنزاهتهم وحرصهم على الثقافة والفكر والإبداع، ولكن جائزة اللوحة الموجهة للطفل حجبت لأنه لم تقدم سوى لوحة واحدة إلى المسابقة.
وفي تقرير لجنة تحكيم الترجمة لجائزة سامي دروبي تحدث د. عبد الكريم ناصيف عن أهمية الترجمة وقيمتها في نقل المعرفة والعلوم بين الأمم، وبين أنه تقدم للمسابقة 13 نصاً منها أبحاث وشعر وقصة ورواية ومسرحية، وشكلت لجان تحكيم من الاختصاصات جميعها، وخلصت اللجنة إلى فوز رنا زحكا بالجائزة الأولى عن نص “فراش من حجر” والجائزة الثانية لنص “حامد العبد” الأساس الأخلاقي للديمقراطية، وذهبت الجائزة الثالثة لنص “حيدرة أسعد” ذلك الوحش الصغير.
وفي جائزة الرواية بين د.مرشد أحمد أن التحكيم جرى بسرية تامة، ولكن معظم الروايات نهضت على أحداث الحرب العدوانية على سورية، وعرضت بتنويعات سردية عدة، وعليه منحت الجائزة الأولى للكاتبة سوزان الصعبي في رواية “كأن أرقص كالنون”، والجائزة الثانية ذهبت لرواية “مصاريع زرقاء” للكاتبة إيناس العقلة، والجائزة الثالثة لرواية “تفاح الحرام” للكاتب نزار مزهر.
كما توقف د. محمد شفيق البيطار عند أهمية الشعر، وقد تقدم للمسابقة عشرون نصاً، راعت فيها لجنة التحكيم صحة الموسيقا والقافية ونبل العاطفة وحرارة الشعور، هذا إلى جانب جودة الصور وجدتها ورقي المعاني، فجاء ترتيب القصائد الفائزة: الأول شادي حمودي عن قصيدته “طواف في أصداء لذاكرة ضائعة”، والجائزة الثانية لرائدة الخضري عن قصيدتها “ثرثرة”، أما الجائزة الثالثة فذهبت لفاطمة فجر عن قصيدتها “مزون من لقاءات”.
وأوضح د. جمال أبو سمرة في تقرير لجنة تحكيم جائزة القصة القصيرة الموجهة للطفل، أن الكتابة للطفل تحتاج اليوم إلى عدة جهات تعنى بالطفولة، وتتعاضد فيما بينها لتنهض بمشروع تكاملي يحيط بجوانب الطفل المختلفة الجسدية والعقلية والنفسية والجمالية.
وعليه فقد خلصت اللجنة إلى فوز آلاء ياسين دياب بالجائزة الأولى عن قصتها “الشمس ستشرق مجددا”، وحصلت جلنار معروف سليمة على الجائزة الثانية عن قصة “قنابل السلام”، وكانت الجائزة الثالثة لهند صقر مصطفى “النحلة توتي”
كما تم تكريم د. إسماعيل مروة، د. حسن حميد، د. مرشد أحمد من لجنة تحكيم جائزة حنا مينه للرواية، وتكريم د. جمال شحيّد، عبد الكريم ناصيف، ود. هاشم حمادي من لجنة تحكيم جائزة سامي دروبي للترجمة، هذا إلى جانب تكريم لجنة تحكيم جائزة عمر أبو ريشة للشعر “د. ثائر زين الدين، د. محمد شفيق البيطار، د. وهب رومية”.
وتكريم لجنة تحكيم جائزة القصة القصيرة الموجهة للطفل “بيان الصفدي، د. جمال أبو سمرة، نهلة السوسو”.
الفائزون بالجوائز: مسؤولية وواجب
وعبرت الفائزة بالجائزة الأولى في الرواية سوزان الصعبي أن المسابقة فرصة للشباب لتقديم مواهبهم، ولجان التحكيم منصفة في تقييمها.
ورأت الشاعرة رائدة الخضري أن الأمر يدعو للفخر والاعتزاز بالمسابقة المحلية الوطنية، فهي تحمل نكهة جميلة وخصوصاً في تلك الأيام الصعبة، وكانت قصيدتي “ثرثرة” وجدانية فيها أحاديث الروح بطريقة صوفية.
ووجد حامد العبد الفائز بجائزة الترجمة المركز الثاني أن الجائزة محفزة لنا للاستمرار في الإبداع وبذل جهود أكثر، وهي في الآن نفسه تسلط الضوء على أهمية الترجمة بشكل عام.
والشاعر شادي حمودي، الفائز بالجائزة الأولى سعيد بالفوز ويرى ان الدعم المادي غير كاف، بل يحتاج دعما أكثر لطباعة مجموعته الشعرية، ولكنه يرى في الجائزة أنها الأهم لأنها صادرة من بلده سورية.
أما فاطمة التي فازت بالشعر، فهي تعشق العربية، كما أنها شغوفة بشعر عمر أبو ريشة، تقول: أحب بلدي فأنا موجوعة انتماء لبلدي.
أما الفائزة الأولى بالقصة الموجهة للطفل آلاء دياب، فتجد في الجائزة أنها من أرفع الجوائز، والفوز هو نقلة نوعية لمسيرتها الأدبية.