الثورة – حمص- سهيلة إسماعيل:
قد يبدو الحديث عن استهلاك السمك بمختلف أنواعه في محافظة حمص ترفاً في ظل الظروف الحالية وما تشهده أسعار المواد الغذائية والحاجات الاستهلاكية الأخرى من ارتفاع جنوني جعل أغلب المواطنين يعزفون عن شراء الكثير من الحاجات والاكتفاء بما هو ضروري لحياتهم اليومية.
لكن ما حفزنا على الخوض في هذا الموضوع هو وجود بيئة مناسبة لتربية الأسماك في حمص متمثلة ببحيرة قطينة، وكذلك وجود فرع يحمل اسم «الهيئة العامة لتطوير الثروة السمكية في حمص»، واللافت في مدينة حمص بما يخص شراء السمك هو زيادة العرض وقلة الطلب؛ على عكس الكثير من مواد أخرى ينطبق عليها «زيادة الطلب وقلة العرض».
وسنرصد – هنا – آراء بعض بائعي السمك سواء من كانوا يملكون مسامك أو باعة جوالين يضعون بضاعتهم على الأرصفة لعلّهم يُوفقون بزبون يشتري من دون أن يتأفف من السعر المرتفع.
الإقبال على الشراء بحدود 50 %
استغرب صاحب مسمكة الغاب السيد عدنان في شارع محمد الخضري بحي النزهة سؤالنا عن حركة بيع وشراء السمك في هذه المرحلة الصعبة وما تشهده من ضائقة مادية فرضت على الجميع؛ وقال: الإقبال ضعيف جداً على شراء السمك، وكان خلال العام الماضي أفضل بكثير فكان الزبون يطلب شراء كيلو أو 2 كيلو سمك أما الآن فيطلب شراء فرخ أو فرخي سمك ..!! . وما يجعلني أستمر في هذه المهنة هو عدم وجود عمل آخر أعتمد عليه يحقق لي اكتفاءً مادياً ويقيني ذل السؤال. وعزا عزوف الناس عن شراء السمك إلى ضعف القوة الشرائية لدى المواطن، ولا سيما بالنسبة إلى أصحاب الدخل المحدود، وأضاف بأن الظروف الحالية جعلت المواطن يفكر بتأمين ربطة الخبز وما تيسر له من خضار وفواكه لتلبية حاجة أولاده لأن أي طبخة باتت تكلف آلاف الليرات، لذلك لن يفكر أحد بشراء السمك إلا ما ندر رغم أهميته وقيمته الغذائية لصحة الإنسان.
أما عن أسباب غلاء أسعار السمك – حيث يبدأ سعر الكيلو الواحد بثمانية آلاف ليصل إلى 15 ألف ليرة سورية- فهي متعددة ويأتي في مقدمتها غلاء أجور النقل كنتيجة طبيعية لغلاء المحروقات وعدم توفرها في معظم الأحيان بالإضافة لغلاء المواد العلفية واختلاف حجم السمك ونوعه.
في حين رأى شاب من قرية خربة غازي التقيناه في شارع الأهرام يعرض كمية من السمك في كبين سيارته التي أوقفها في طرف الشارع أن سعر كيلو السمك مرتفع نسبياً مقارنة مع سعره في الأعوام الماضية بسبب غلاء كل شيء مثل مستلزمات الصيد وأجور النقل وأجور اليد العاملة والمواد العلفية وغيرها ولا يستطيع بعض الصيادين بيع السمك بأسعار مُخفضة لأن اعتمادهم الأساسي عليها وهم يتعبون جداً في عملهم.
بينما يتذكر السيد ع .د وهو صاحب مسمكة في حي عكرمة أن أسعار السمك كانت مناسبة جداً قبل الحرب العدوانية على سورية بينما ارتفعت حالياً ارتفاعاً جنونياً وأصبح شراء وجبة سمك حلماً بالنسبة للأسرة، خاصة أن الأسعار تفوق قدرة المواطن الشرائية، إضافة إلى جشع التجار وتوليهم مهمة توريد السمك لمسامك المدينة، كما أضاف سبباً جوهرياً آخر وهو تهريب بعض الأنواع ذات الجودة العالية والمخصصة للمطاعم إلى الدول المجاورة مثل اللقز والفريدي، حيث يتجاوز سعر الكيلو الواحد الـ 70 ألف ليرة سورية، زد على ذلك ارتفاع سعر كيلو الثلج الذي يجب أن يبقى مرافقاً لأي طلبية سمك عند نقله من منطقة إلى أخرى؛ ولا سيما في فصل الصيف وختم حديثه بتأثير الظروف الجوية من منخفضات وغيرها على الأسعار، حيث يصعب الصيد ويصبح عملية شاقة خلال فترة المنخفضات فيتحكم الصيادون والتجار بالسعر، كما يساهم عدم وجود أدوات الصيد البحرية في السوق المحلية بزيادة الأسعار لأن جميعها مستورد وتكلفة استيرادها مرتفعة جداً وكان الأولى بالجهات المعنية أن تؤمن مستلزمات الصيد وتشجع مربي الأسماك في المسامك الخاصة ليصبح المواطن قادراً على شراء وجبة سمك ولو مرة واحدة في الشهر.
استزراع كميات كبيرة من الإصبعيات
وبحسب رئيس فرع الهيئة العامة للثروة السمكية في حمص المهندس وسيم قصراوي فإن فرع الهيئة لا يتوانى عن استزراع الإصبعيات في المسطحات المائية والسدود الموجودة في المحافظة بهدف زيادة الإنتاج وتأمين فرص عمل وتحسين المخزون السمكي والحفاظ على الثروة السمكية، ودعم المجتمع المحلي المحيط بالمسطحات المائية بالغذاء الصحي.
حيث تم في شهر تشرين الثاني من العام الحالي استزراع ما يقارب الـ 137 ألف إصبعية كارب ومشط في بحيرة قطينة وكانت هذه المرحلة- بحسب المهندس قصراوي- هي الأخيرة من عملية الاستزراع حيث سبقتها مراحل تم فيها استزراع 513 إصبعية من النوعين ذاتهما، كما تم استزراع سد الرستن بـ 500 ألف إصبعية ليتجاوز العدد المليون إصبعية وهي خطة تسير عليها الهيئة وتقضي بتجاوز المليون ونصف المليون إصبعية في مختلف مناطق المحافظة، بالإضافة لتأمين إصبعيات لمالكي المزارع الخاصة والبالغة 54 مزرعة مرخصة منها ما هو متوقف بسبب ظروف الحرب العدوانية ومنها عاد للإنتاج.
لا أثر لنشاط الهيئة
لكن اللافت أن المواطن في محافظة حمص لا يشعر بترجمة جهود الهيئة العامة للثروة السمكية على أرض الواقع، فعدا عن الصيد الجائر وبطرق غير مشروعة لم تساهم عمليات الاستزراع السنوية والخطط المقررة في تخفيض أسعار السمك في السوق المحلية مع أنه من ضمن أهداف الهيئة «تأمين غذاء صحي للمجتمع المحلي»!!.
ولوضع حد للصيد الجائر اتخذت الهيئة العامة للثروة السمكية عدة إجراءات من ضمنها إحداث الضابطة السمكية وتشديد العقوبات بحق كل من يخالف القانون المعمول به بخصوص التوقيت المناسب للصيد.
الظروف المناخية والأسعار
وعن أسباب ارتفاع أسعار الأسماك البحرية قال قصراوي: إن الظروف المناخية الصعبة والقاسية هي السبب لأنها تسبب صعوبة في الصيد، وغلاء مستلزمات الإنتاج ومستلزمات الصيد مع تأكيده على وجود نوعيات معقولة وبأسعار تتناسب مع دخل الأسرة في حمص أو في بقية المحافظات.
وعن شروط الهيئة لترخيص المزارع السمكية لمن يرغب من المواطنين قال قصراوي: وجود مصدر مائي عذب وموافقة وزارة الموارد المائية وموقع المزرعة خارج حدود الحماية للمخطط التنظيمي وفي مكان ليس فيه أشجار يستوجب قطعها ومنع الصيد خلال موسم التكاثر وتأمين الإصبعيات المُحسنة المنتجة.