يسرع الإرهاب من وتيرته وخطاه على الأرض كانعكاس لحالة الهستيريا التي باتت تلفه من كل الجهات بعد أن أيقن أن ساعاته باتت معدودة، ولاسيما أن المزاج الإقليمي والدولي أضحى رافضاً لكل أشكال وأطراف الإرهاب، ومهيأً لولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.
خلف هذا اليقين، يمكن على الفور توقع وفهم ما تقوم به الولايات المتحدة ومن خلفها أتباعها وأدواتها وشركائها، خصوصاً الكيان الصهيوني وداعش على كثير من الجبهات، ليس في سورية وحدها، بل في أماكن متعددة في العالم، وبما يحاكي ذلك التراجع والانهيار الجيوسياسي والأخلاقي للإمبراطورية الأكثر إرهاباً ووحشية على مر التاريخ.
بين الاندحار والانتحار يقضي المشروع لحظاته الأخيرة ولاسيما بعد أن دخلت الولايات المتحدة المرحلة الحرجة من “الصراع الوجودي” كقوة مهيمنة أو كقطب واحد، لذلك هي قد تُسعر وتشعل كل الجبهات دفعة واحدة – في سورية أو في إيران أو في كوريا الديمقراطية أو في روسيا أو في الصين أو في كل مكان تجد فيه طوق نجاة لطموحاتها وأهدافها ومشاريعها الاستعمارية الكبرى- وهو الأمر الذي قد يسرع من انهيارها ويدفعها إلى عمق الهاوية.
بحسب المعلومات والتطورات على الأرض، تبدو عناوين المرحلة المقبلة برغم تداخلاتها وتعقيداتها واضحة جداً، لجهة التصعيد الممنهج الذي تنتهجه الإدارة الأميركية على كل الأصعدة والجبهات، كجزء من محاولاتها الحثيثة لاستعادة تموضعها وقطبيتها وهيمنتها.
الأهم في ذلك كله، أن يفهم الأميركي أن زمن الهيمنة والأحادية القطبية قد انتهى وولى إلى غير رجعة، وكل المحاولات في هذا السياق هي منفصلة عن الواقع وبعيدة كل البعد عن تداعيات التحولات الجارفة التي عصفت بالمشهدين الإقليمي والدولي، والتي قد تقود واشنطن وحلفاءها وأدواتها إلى عواقب كارثية وتكاليف باهظة لا يقدرون على دفع ثمنها.