لا أستطيع أن أجزم ما إذا كان ” الجن – العفريت الأزرق” هو أخطر المخلوقات كما نقول في موروثنا، لكنني أستطيع أن أؤكد بالدليل القاطع والبينة الواضحة أن ما قام به أصحاب محطة محروقات خاصة في محافظة حلب مؤخراً، “شيطاني بإمتياز”، يرتقي الجريمة الاقتصادية والزراعية والبيئية الأخطر، التي لا منافس أو منازع لها إلا جرائم العصر التي تناوب على ارتكابها الإرهابيون المتطرفون.
النية الجرمية المبيتة، والخطوات التخريبية “التمهيدية والتحضيرية” بدأت مع قيام هؤلاء المخربين والمهربين والمجرمين باحتكار مادة المازوت والتلاعب والاتجار بها عن طريق إخفاء كميات كبيرة منها داخل خزانات سرية وصهاريج تخزينية ” سعة 190 ألف ليتراً و136 ألف ليتراً” وصولاً إلى تحقيق مآربهم وأهدافهم وغاياتهم الشيطانية الربحية غير المشروعة داخل سراديب ودهاليز السوق السوداء.
طمع وجشع وفجع المهربين والمخربين والمجرمين، دفعتهم عن سابق إصرار وتصميم إلى إغراق أنفسهم بأنفسهم شيئاً فشيئاً في مستنقع أفعالهم الجرمية اللاقانونية أثناء محاولاتهم البائسة واليائسة للهروب والإفلات من القبضة الفولاذية لمديرية الجمارك العامة – مديرية مكافحة التهريب – ولجنة ضبط المخالفات في شركة محروقات الذين تمكنوا من إيقاع أصحاب المحطة المذكورة بشر أعمالهم الجرمية وضبط 19ألف ليترمن المازوت بالجرم المشهود، بعد ارتكابهم كارثة بيئية – زراعية من العيار الثقيل تمثلت بالتخلص من 300 ألف ليتر من المازوت في الأراضي الزراعية القريبة من المحطة قبل وصول الجمارك واللجنة بساعات “كيف – جميعنا يعرف كيف”.
ما جرى كان مخططاً له ومدروساً ومرسوماً “بالقلم والمسطرة” والبداية كانت من الخطة “أ” القائمة على احتكار مادة المازوت والتلاعب والاتجار بها وتخزينها، لينتقلوا بعدها إلى الخطة “ب” البديلة التي كانت السبب الرئيس والمباشر بإخراج مساحات واسعة من الأراضي الزراعية من الاستثمار، لمدة قد تطول لسنوات وسنوات، كل ذلك من أجل تحقيق أطماعهم الكبيرة جداً التي يجب أن لا تقل عن العقاب والغرامات المالية التي يجب إنزالها بحقهم “باسم الشعب العربي السوري كاملاً” وبحق كل محتكر لأي مادة مهما كان نوعها “بعد الأخذ بكل الأسباب المشددة”، ليكونوا عبرة لكل من لم يعتبر بعد.