عندما يصف بايدن دول العالم، بأنها بمنزلة رقعة بنطال الأميركيين، فإنه بكلامه هذا، إنما يعبر عن النظرة الحقيقية التي تعتمل في العقلية الأميركية حيال شعوب العالم بأسرها وعن الاستراتيجية التي تتبناها الإدارة الأميركية نظرية وممارسة حتى تبلغ غاياتها الاستعمارية.
بل يمكننا القول إنه جنون العظمة يضرب أطنابه في ذهنية بايدن المريضة أصلاً، أو ربما هو تكرار الأكذوبة مرة تلو الأخرى، وصولاً إلى تصديق الوهم، لعله يتم تحويل هذه الأكذوبة إلى حقيقة ماثلة للعيان وبالتالي تجد طريقها المسدود كلياً إلى ترجمة فعلية على الأرض.
بايدن من حيث يدري أو لا يدري كشف زيف ادعاءات بلاده، وشعاراتها الهوليودية، وكل ما سبق أن روجت له أميركا من عناوين لامعة، وبراقة، عن الإنسانية، وحقوق البشر، والعدالة، والحريات.
فهو وبحسب ما نطق به لسانه، وباعتبار أن الرسالة تقرأ بما يرد بين سطورها، فإنه يعتبر أن كل دول العالم تحصيل حاصل، كانت وستبقى تدور في الفلك الأميركي، ووحده ونظامه المارق من يتسيدها، ويهيمن عليها، ويحركها كيفما شاء، ويتدخل في شؤونها عندما يحلو له ذلك، أو تقتضي مصالحه ذلك.
تعامي الرئيس الأميركي عن الحقيقة المرة التي تؤلمه وجنرالات حربه في الصميم، ألا وهي أن زمن القطبية الأميركية قد ولى منذ زمن بعيد ويمكننا الجزم بأننا غدونا اليوم في عالم متعدد الأقطاب، وليست أميركا ولا نظامها الفاشي من يحدد بوصلة شعوب العالم، أو يقودها كيفما ارتأى، وإنما هناك روسيا والصين اللتان تقفان بالمرصاد لكل مشاريع الهيمنة والاستكبار الأميركية، ومعهما كل الأنظمة المقاومة، والشعوب الحرة الأبية.
عندما يتحدث بايدن عليه أن يزن كلامه جيداً قبل أن يدلو به، لأن كل حرف محسوب عليه، ولأنه بترهاته هذه إنما يعري نفسه ونظامه، ويزيد من كراهية الشعوب صاحبة السيادة والإباء له ولإدارته.