لم يعد مفاجئاً ارتفاع سعر أي مادة وبالأخص بعد رفع سعر الصرف الرسمي، على الرغم من عدم الإعلان بشكل رسمي من قبل هذه الوزارة أو تلك، كيف وإذا كان الأمر يتعلق بالدواء المحلي الذي ارتفع أكثر من عشرة أضعاف خلال العامين الماضيين والذي تعتبره وزارة الصحة بمثابة تصحيح لتغطية التكلفة المرتفعة وتوفيره في السوق.
التصريحات التي سمعناها من أصحاب الشأن والتي اعترفت بوجود نقص كبير في الأدوية، وأن الصناعات الدوائية تراجعت كثيراً مع إغلاق مستتر لعشرات معامل الأدوية مؤشر خطير يستدعي التحرك الفوري من قبل الجهات المعنية كوننا نتحضر لأمرين؛ الأول رفع كبير لأسعارها مجدداً، والأمر الثاني ندرتها بل وفقدانها وبالتحديد الأدوية المزمنة و بالتالي لم يعد بمقدور شريحة كبيرة الإنفاق على أوضاعهم الصحية في ظل الظروف الأقتصادية الحالية مع تراجع القوة الشرائية.
وإذا ما علمنا أن متوسط إنفاق الأسرة السورية على العناية الطبية كان يشكل ٦% في عام ٢٠٠٩ نعتقد اليوم أنه يشكل أكثر من ٥٠% مع تزايد الأمراض لمختلف الشرائح العمرية.
لا ندخل بالحجج التي يقدمها أصحاب شركات ومعامل الأدوية والتي باتت معروفة للجميع وندرك جميعاً حجم العقوبات الاقتصادية التي أثرت بشكل سلبي على كافة قطاعاتنا ومنها القطاع الدوائي الذي تراجع بشكل واضح، لكن هل يبرر ذلك أي قرار جديد لرفع سعر الدواء وممارسات البعض من أصحاب المستودعات الدوائية والمنتجين والصيادلة لحالات الجشع التي تكاد توازي ما يمارسه تجار وحيتان السوق للمواد الغذائية .
قطاع الصناعات الدوائية مثال من أمثلة كثيرة على كيفية تعاطي الجهات الحكومية مع أي مشكلة اقتصادية من خلال حلول مؤقتة لا تتناسب والوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن بعيداً عن أي حلول استراتيجية تحاكي المستقبل وتبحث عن البدائل وهنا مشكلتنا، فبدلاً من اجتراح الحلول الواقعية والعملية نقع دائماً بمطبات التجريب .
لذلك نحن بحاجة لخطط طوارئ لا تحتمل التأجيل لتغيير الواقع الحالي وخاصة لقطاع يتعلق بحياة الناس، لكن بسعر مقبول، فالإنسان لا يستطيع الاستغناء عن الدواء الذي كان بمتناول يده ومن صناعته فماذا تنتظرون ؟