الثورة- حسين صقر – إخلاص علي:
أثار ارتفاع أسعار الأسمدة موجة كبيرة من التساؤلات بين أوساط المزارعين، في الوقت الذي زادت فيه تكاليف الإنتاج من محروقات ونقل وحراثة وري وغير ذلك، بالإضافة للمستلزمات الأخرى.
«الثورة» التقت مجموعة من الفلاحين حيث أكدوا أنه كان من الأجدر البحث عن طريقة تساعد الفلاح لتخفيف الأعباء عنه، ودفعه قدماً ليبقى ملتصقاً بأرضه، أما وبعد ارتفاع متطلبات الإنتاج ومن بينها الأسمدة بأنواعها، فقد بات الوضع محرجاً، ولاسيما أن أسعار منتجاتهم لا تزيد بالمقارنة بالتكاليف الكبيرة التي يتكبدونها ليصل المنتج إلى المستهلك.
عزوفهم عن الزراعة
وفي هذا السياق قال المزارع حسن العلي: في الوقت الذي ينتظر فيه الفلاح زيادة إنتاج محاصيله، فوجئ مع بداية موسم الزراعة بارتفاع أسعار الأسمدة بأنواعها، وهو ما يؤثر بشكل سلبي على الإنتاج والمستهلك معاً، وإلى ابتعاد هذا الفلاح عن أرضه والاتجاه نحو عمل آخر للحصول على مصدر رزق عن هذا المجال.
تكاليف أخرى
وقال الفلاح محمود شعيب: شكل ارتفاع أسعار الأسمدة صدمة للمزارعين ولاسيما مع تكاليف الإنتاج الأخرى، في الوقت الذي يجب فيه على الحكومة تخفيف أعباء الزراعة ومتطلباتها، كي يكون الإنتاج وفيراً وجيداً وصالحاً للاستهلاك، وذلك بأسعار معقولة وكميات كافية، بالإضافة لشراء المحاصيل الزراعية من الفلاحين بهامش ربح مرض يواكب هذا الارتفاع في أسعار الأسمدة والمستلزمات الزراعية الأخرى.
تشديد الرقابة
من ناحيته طالب أسعد راجح بتشديد الرقابة على السوق الحر لبيع الأسمدة بالأسعار المقررة، والتأكد من جودتها، حيث هناك كميات كبيرة في السوق عبارة عن رمال وخالية من المواد الكيميائية التي يفترض بأن تتكون منها الأسمدة.
وأوضح أن رفع سعر الأسمدة أصبح عبئاً ثقيلاً جداً على المزارعين ومحاصيلهم، بعد أن كانت تلك الأسعار تتوافق إلى حد ما مع أسعار البيع وباقي التكاليف التي زادت مع الارتفاع.
فوضى بالأسعار
من ناحيتهم أجمع عدد من الفلاحين على أن الارتفاع يمكن أن يؤدي إلى إحداث فوضى في الأسعار، وقد يضطر المزارعون إلى استخدام كميات أقل من الأسمدة، وهو ما يقلل من الغلة ونوعية المحاصيل، وقد يختارون بدلاً عن ذلك مواد عضوية قد تكون أقل فعالية.
وأضافوا أن مشكلة ارتفاع الأسمدة ستكون حرجة، وستؤثر على انخفاض محاصيل المواسم القادمة، وليس على القمح فحسب بل على جميع المحاصيل كذلك.
هل هناك بدائل؟!
وحول سؤال فيما إذا كان هناك إمكانية للتقليل من استخدام الأسمدة في ظل هذا الارتفاع، أكد المهندس الزراعي زيدان حسون أن إجابة السؤال تكمن في حقيقة أنه يمكن لتقنيات الزراعة الحديثة مثل التحليل الطيفي للتربة قياس مستويات العناصر الغذائية في التربة بدقة، ما يسمح باستخدام عناصر أخرى، لكن نظراً لأن التكنولوجيا المطلوبة باهظة الثمن، فمن المستبعد أن تقدم مساعدة للمزارعين، لكن يمكن استخدام أساليب زراعية أقل تحافظ على جودة التربة، مثل تناوب المحاصيل، وأساليب الحراثة التي تترك بقايا المحاصيل القديمة وراءها أو «الحراجة الزراعية» المتمثلة في الجمع بين الأشجار والمحاصيل في الحقول، لكن هذه الأساليب تستغرق وقتاً وجهداً وبعد نظر، وليست سريعة ولا فعالة مثل الأسمدة الحديثة.
وأضاف في الوقت الحالي لا يوجد بديل سهل للأسمدة إذا أراد العالم الحفاظ على إنتاج الغذاء بالقرب من مستوياته الحالية، وهذا يعني ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانعكاسها على المستهلك والمنتج معاً.
ينعكس سلباً على كمية الإنتاج
وفي هذا السياق أكدت المهندسة ربا دبلو عضو المكتب التنفيذي في اتحاد فلاحي دمشق وريفها ورئيسة مكتب الشؤون الزراعية أن قرار رفع الأسمدة ينعكس سلباً على عملية الإنتاج، وجائر بحق الأرض، وسوف يؤثر حتماً على كافة المحاصيل بدءاً من محصول القمح وكل مايتعلق به كرغيف الخبز، وليس انتهاءً بالخضار والفواكه، كما سيؤثر على الفلاح الذي بقي في أرضه مقاوماً لكل الظروف القاسية التي مر بها وطننا الغالي، وهو ما سيؤدي بالنتيجة وأقول بكل بصراحة إلى عزوف الفلاحين عن الزراعة، لأنهم لايمتلكون القدرة الشرائية لمستلزمات إنتاجها، وبالتالي نحن أمام مشكلة حقيقة، وخاصة أن الأرض تمثل السلة الغذائية لبلادنا، ولاسيما نحن في وقت أحوج فيه لدعم الفلاح وإعطاء تلك الأرض حقها لتحقيق عملية الاكتفاء الذاتي ومواجهة الحصار الغربي الجائر وكسره.
وعن الإجراءات المتخذة رداً على قرار رفع سعر الأسمدة الصادر عن إدارة المصرف الزراعي مئة بالمئة، قالت دبلو: تمت تسطير عدة كتب إلى الجهات المعنية، تم التأكيد فيها أن رفع أسعار الأسمدة بأنواعها سوف ينعكس سلباً على تنفيذ الخطة الزراعية، وخاصة محصول القمح الذي يعتبر المحصول الاستراتيجي الأول في ظل هذه الظروف الراهنة، إعادة النظر بتلك الأسعار حفاظاً على ذلك، ولكون البلاد تواجه حالة حصار اقتصادي جائر، ومن ناحية أخرى إعادة النظر من أجل تشجيع الفلاحين على التمسك بأراضيهم الزراعية، وتنفيذاً للتوجيهات بدعم القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني.
المصرف التعاوني: نقدم التسهيلات
وحول التسهيلات التي يقدمها المصرف التعاوني الزراعي لتخفيف الأعباء عن الفلاحين بيّن الدكتور أحمد الزهري مدير عام المصرف الزراعي أنهم يقدمون كافة أنواع القروض لقطاع الإنتاج النباتي والحيواني، وأن فائدة المصرف مازالت متدنية قياساً بالفائدة التي تتقاضاها المصارف العامة والخاصة الأخرى.
وأضاف أنه تم رفع الأسعار بناء على توصية اللجنة الاقتصادية التي كلفت المصرف الزراعي أن يسعر السماد بكافة أنواعه الفوسفاتي والآزوتي في ضوء التكاليف الفعلية مع هامش ربح بنسبة ٢%
وفي ذات السياق أكد الزهري أن أسعار الأسمدة ارتفعت بنسبة مقبولة، وارتفاعها كان عالمياً، مضيفاً أن المصرف الزراعي يبيع السماد الآزوتي بثلاثة ملايين ليرة لطن الواحد، بينما في القطاع الخاص يصل إلى خمسة ملايين ليرة، منوهاً أن السماد الآزوتي حالياً لمحصول القمح حصراً وذلك لأهميته استراتيجياً في مواجهة الحصار الاقتصادي الجائر المفروض على وطننا، وأشار إلى أنه سيتم فتح البيع لبقية المحاصيل مجرد تأمين كميات إضافية عبر عقود مع الدول الصديقة، بينما السماد الفوسفاتي يباع لكافة أنواع المحاصيل والأشجار.