قبل عام صرح وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك قائلاً “تحرير الأسعار في ظل العقبات الموجودة على الاستيراد لا معنى له لأنه سيرفع الأسعار وتحرير الأسعار يكون في حالات الرخاء الاقتصادي”.
ومع التعميم الذي أصدره أمس على مديريات التموين في المحافظات لمتابعة الإعلان عن الأسعار وفق الفواتير التداولية التي تُحرر من المنتجين والمستوردين وتجار الجملة واعتماد تلك الفاتورة في تحديد مبيع المستهلك وفق نسب الارباح المحددة وإلغاء نشرة الأسعار الممول بها حالياً حتى إشعار آخر، يكون قد حرر بصمت جميع الأسعار وشجع تجارنا على البيع وفق فواتيرهم وحسابات ربحهم.
هل يعني ذلك أننا وصلنا إلى مرحلة الرخاء الاقتصادي وأصبح بإمكاننا الاستيراد والتصدير دون أي عوائق.. وهل نفهم أيضاً أن العقوبات باتت خلفنا ….
لوكان ذلك صحيحاً لما شعر المواطن بالخطر القادم جراء هذا القرار الذي سيزيد الأسعار أضعاف ما هي عليه الآن وهذا يعني أن الحكومة لن تتدخل بالأسعار والسوق هو من يحدد نفسه.
قد نقبل ذلك لو كنا بالفعل بمرحلة رخاء اقتصادي حينها فقط لا يتم وضع أي تسعيرة من قبل الحكومة وهذا ما يُعرف بتحرير الأسعار فأي تسعيرة تتحدد وفق العرض والطلب وحينها تُلغى القيود الحكومية على السقوف السعرية وتترك السوق دون رقابة على الأسعار.
لكن في ظل الأزمات الاقتصادية والحروب الأمر مرفوض تماماً ولابد من اتباع التسعير الإداري لضبط الأسواق ومنع تلاعب التجار والمحتكرين بلقمة عيش المواطن والمحاسبة لضمان توازن السوق.
كل الوعيد والتهديد الذي كنا نسمعه من وزارة حماية المستهلك ذهب مع الريح وتحديداً عند الحديث عن القانون ٨ الذي تعاطت معه بأهمية كبيرة ولاسيما لجهة عدم التزام التجار والباعة بالنشرات السعرية التي وضعتها وفق رغبتهم وآخرها نشرة الـ ١٦ مادة التي تم تحديدها بمشاركتهم وأن العقوبة ستصل إلى مدة ٧ سنوات مع مصادرة البضائع وطرحها للبيع بسعر التكلفة في صالات السورية للتجارة وكانت النتيجة حينها مجرد تسويات.
المشكلة أن الجميع يطبق مايراه مناسباً وقلما يلتفتون لقياس النتائج لأي قرار ويتناسون تصريحاتهم السابقة رغم معرفتهم بوقوع أخطاء نتائجها كارثية على المواطن والاقتصاد.
قرار تحرير الأسعار الذي يعتبره بعض الاقتصاديين ايجابياً كونه سيشجع الاستثمار ويمنع الاحتكار يتطلب تحرير أسعار الصرف لكنه بالوقت ذاته يفرض على الحكومة التدخل عندما يظهر أي ارتفاع غير مقبول بسعر مادة معينة ولاسيما الأساسية منها لكن هل ينفع لدينا ؟
باختصار كان لابد قبل إصدار هكذا قرار دراسته بشكل عميق لأن آثاره لن تمس إلا أصحاب الدخول المنخفضة مع تدهور القوة الشرائية إلا أن التخبط هو سيد الموقف عند صدور أي قرار حكومي.