تطالعنا بداية كل عام مختلف المؤسسات الخدمية والاقتصادية بأرقام كبيرة عن نتائج عملها وإنجازاتها خلال عام مضى، وجاءت الأرقام مع بداية العام الحالي مميزة من حيث قيمها التي تجاوزت المليارات، على نحو يجعل القراءات تعتقد بأن ثمة نتائج إنتاجية جيدة تبشر بزيادة الإنتاج والمنافسة بين المؤسسات.
وفي حقيقة الأمر فإن السماع بأرقام جيدة في حد ذاته يدعو للتفاؤل بأن العملية الإنتاجية والخدمية مستمرة لكنه لايعني أبداً زيادة أو وفرة في الإنتاج، وإذا أردنا أن نقيّم ما تسطره بعض المؤسسات الخدمية والاقتصادية من أرقام على الأرض لابد من التوجه إلى الأسواق ومعاينتها في كم السلع المتوفرة ونوعيتها ومنافسته على صعيد الأسعار، كذلك الأمر بالنسبة للنواحي الخدمية من الضروري أن نراقب كم الخدمات ونوعيتها الذي حصلت عليه الأحياء والشوارع حتى فيما يتم التصريح عنه أنه من الأولويات، وأما مايتعلق بتبسيط الإجراءات، ترى هل نفع ذلك بعدم تحمل صاحب الخدمة مزيداً من النفقات غير المكتوبة؟.
وبالعودة للأرقام لإنتاج بعض المؤسسات وتقييم إنتاجها، فالأرقام ارتفعت لكن أسبابها تعود لارتفاع التكاليف وارتفاع أسعار السلع في الأسواق لذلك تبدو المبيعات كبيرة ومتصخمة عن الأعوام السابقة إلا أنها بفعل الغلاء وليس بفعل ارتفاع القدرة الشرائية والطلب والمنافسة والوفرة بالإنتاج، لذلك مانسمعه من أرقام مرتفعة في عمل بعض المؤسسات ينم عن استمرار عملها، لكنه لم يؤد إلى تحسن اقتصادي ومعيشي للمواطن.
وربما كان الأجدى بمختلف مجالس الإدارة للمؤسسات والجهات صاحبة الأرقام الكبيرة الحديث عن الأسباب والحلول للتراجع في القدرة على أن تكون هنالك وفرة في السلع ومنافسة في الأسعار ومناسبة للقدرة الشرائية للمستهلك، وكذلك مناسبة لعملية تحديد الأسعار الجديدة التي أطلقتها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، فالكل متفق على أن الإجراء جيد لكنه يحتاج للتنافس والوفرة في الإنتاج والضمير الحي لدى التجار، وليس الوفرة في الأرقام التي أثقلت كاهل المواطن وحيرت جيبه الفارغ.