تحولت الهطولات المطرية في السعودية إلى حالة تفاعلية على مواقع التواصل الاجتماعي، فهناك من تحدث عن تغيرات مناخية بدت واضحة ليس في السعودية فقط وإنما في كثير من دول العالم والتي تجسدت في حالة الكوارث الطبيعية من الأعاصير والحرائق والفيضانات، وهناك من ذهب إلى أبعد من ذلك في تفسير امتداد المروج الخضراء في الصحارى السعودية واستحضر الأحاديث الدينية وربطها بقرب قيام الساعة.
حقيقة الأمر قد يكون هناك تغيير مناخي ولكن ليس بهذا الوضوح، فأمطار السعودية كما جاء في إعلان المركز الوطني للأرصاد في السعودية هي ناتجة عن بدء العمليات التشغيلية والرحلات الجوية للمرحلة الثانية لبرنامج الاستمطار على مناطق المرتفعات الجنوبية الغربية، والذي شمل الطائف والباحة وعسير وجازان، إضافة إلى سواحلها ، وهو استكمال لأعمال المرحلة الأولى من برنامج استمطار السحب على مناطق الرياض والقصيم وحائل.
وأوضح الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد والمشرف العام على أعمال برنامج استمطار السحب الدكتور أيمن بن سالم غلام، خلال متابعته لسير عمليات الاستمطار على المناطق المستهدفة في جدة، أن استمطار السحب للمرحلة الثانية تسير وفق المعدّ لها، وأن العمليات الأرضية والجوية تحقق نجاحاً حسب التقديرات الأولية من المختصين والخبراء من خلال الجدول الزمني ودقة الطلعات الجوية في استهداف السحب، وهذا طبعا يندرج في إطار برنامج استمطار السحب وهو أحد مخرجات قمة الشرق الأوسط الأخضر، التي أعلنها ولي العهد السعودي.
ما يعنينا في الأمر أن مشروع الاستمطار في سورية تم العمل عليه قبل عقود ، وكان يقوم على زرع الغيوم الركامية بنويات تجمد صناعية تنثر في الغيوم اعتمادا على فكرة أن نويات التجمد الطبيعية في الغيوم غير كافية وذلك من أجل تجميد أكبر كمية من المياه فوق المبردة الموجودة في الغيوم ، وفي تصريح قديم للدكتور علي عباس مدير الاستمطار في وزارة الزراعة عام ٢٠١١ قال إن ذلك قد يزيد الهاطل المطري بنسبة قد تصل إلى ٤٥% حسب نوع الغيوم ،دافئة أم باردة.
أغلب مكونات المشروع ومقراته في سورية تم تدميرها من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة، ولكن ذلك لا يعني أن لايكون ذلك أولوية لدى الجهات المعنية في ظل الاحتباس المطري الذي تشهده سورية منذ سنوات ، ولو تم حساب التكاليف بالعائد المادي فإن المشروع يجب أن يكون أولوية ملحة ، فالتكلفة المادية لعملية إسقاط المطر حسب التجارب الروسية كانت تكلف ٣٠ قرشا لكل متر مكعب من المياه في عام ٢٠٠٩ ولا أعتقد أنها قد زادت مع التقدم التكنولوجي وتوفر البيانات والمعطيات الدقيقة اللازمة.
نحن بحاجة إلى هذا المشروع الحيوي ، وإن كانت الجهات الحكومية عاجزة عن تمويله فلا اعتقد أن المواطن سيتأفف من تمويله بعد أن أصبح المصدر الأساسي للتمويل الحكومي، ولن يكون كذلك معترضا على ضريبة سيُكلف بها بعد أن أصبحت الرسوم تُفرض دون أن يسمع بها وبفترات متقاربة لا تزيد على أشهر كما رسوم الموبايل الذي أصبح حلما لمواطن موعود بحكومة إلكترونية، قد يلجأ في يوم ما إلى عناصر طبيعية للتواصل معها وقد يكون الحمام الزاجل إحداها.
معد عيسى