لا يستحق قرار تحرير الأسعار كل ذلك الضجيج، لأن أحداً لا يستطيع أن يجزم ويبرهن أن أسعار السلع لم تكن محررة عملياً وليس نظرياً.
يعلم الجميع أن كل نشرات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، الاسترشادية منها والمُلزمة..لم تكن أكثر من حبر على ورق في أعراف التجار..حتى في صالات “التدخل الإيجابي”، فلماذا نأسف على سياسات تسعير مركزي لم تقدّم للمستهلك أي خدمة في مواجهته مع تجار المفرق ومع تحدي تأمين احتياجاته اليومية الصعبة؟؟
ربما سيكون أكبر الخاسرين هم بعض عناصر الرقابة، الذين فقدوا إمكانية السؤال عن مدى الالتزام بتسعيرة وزارتهم والإعلان عنها..أي المستهلك يفقد تلك المظلة المفترض أنها كانت واقية له.. لأنها لم تكن موجودة أصلاً..
الآن ماحصل قد حصل..لكن هناك إجراءات مكملة لازمة يجب ألا تنساها أو تتجاهلها الحكومة، فتحرير الأسعار يحتاج إلى تحرير التجارة أو على الأقل توسيع مروحة الخيارات المتاحة في الأسواق، أي يحتاج إلى إجراءات تتيح المنافسة بين التجار، لا أن تبقي السوق والمستهلك في قبضة قلّة من المحتكرين، هنا يكون قرار تحرير الأسعار مشكلة كبيرة.
عموماً إدارة السوق تتطلب سلّة إجراءات متكاملة، لا تجارب مبعثرة وارتجالية..بل إدارة الاقتصاد كلياً لا يمكن أن تنجح إلا وفق مبدأ الحزم أو السلال الإجرائية، هذه حقيقة لا يمكن أن نتجاهلها..وإن تجاهلناها سنفقد أي عائد إيجابي حقيقي وملموس.
يبقى علينا اليوم أن نراقب كيف ستشجع الحكومة المنافسة وكيف ستمنع الاحتكار، بعيداً عن التعويل على هيئة المنافسة ومنع الاحتكار التي انكفأت لأنها وُجدت في بيئة غير ناضجة.
سننتظر لأننا نؤمن بالمثل الشعبي الذي يزعم أن “الموعود ليس محروماً”.
نهى علي