الولايات المتحدة بصدد إرسال أسلحة جديدة أكثر تطوراً لأوكرانيا، بهدف استخدامها لشن هجمات على الأراضي الروسية، وضد شبه جزيرة القرم على وجه التحديد، وفق تأكيدات المسؤولين الأميركيين، وتحشد حلفاءها الأوروبيين ليحذوا حذوها، إذ تعزو إدارة بايدن السبب بأن سيطرة أوكرانيا على شبه الجزيرة أو محاولة تهديدها على أقل تقدير، من شأنه تعزيز موقفها التفاوضي في المستقبل.
هذه الخطوة التصعيدية الجديدة، تشير بشكل واضح إلى أن الولايات المتحدة تهيّئ الأرضية لمرحلة تصادم عسكري غير محسوبة النتائج، وقد حذرت روسيا من خطورتها لأنها ستنقل الصراع إلى مستوى جديد، ويشير اجتماع دول الناتو في قاعدة “رامشتاين” الأميركية بألمانيا يوم أمس، إلى أن أهداف هذه الخطوة تتجاوز الأغراض السياسية، ومن غير المستبعد أن تقدم منظومة المعسكر الغربي على ارتكاب أي حماقة عسكرية لتوسيع دائرة الحرب، ولاسيما أن التطورات الميدانية في أوكرانيا تسير عكس توقعات الولايات المتحدة الساعية لإلحاق هزيمة إستراتيجية بالقوات الروسية.
الكثير من المحللين الغربيين باتوا يستقرئون من خلال الخطوات الغربية التصعيدية أن واشنطن تسعى لإشعال حرب عالمية في أوروبا، وهذا الاحتمال وارد جداً، في ظل التجاهل الأميركي الواضح لأمن أوروبا واستقرارها، حيث الولايات المتحدة أكثر المستفيدين من هذه الحرب طالما هي بعيدة عن أراضيها، وعملية استنزاف قدرات روسيا وأوروبا، وإنهاكهما كلتيهما هو بحد ذاته يشكل المصلحة الأكبر لواشنطن.
الولايات المتحدة اللاهثة وراء الحفاظ على هيمنتها الأحادية، تقود العالم برمته نحو الانزلاق إلى حرب شاملة، وأتباعها الأوروبيين- الذين تتكئ عليهم لتنفيذ أجنداتها الاستعمارية- يتحملون المسؤولية المباشرة، من خلال انجرارهم الأعمى وراء السياسة الأميركية المدمرة، ولكنهم وحدهم من سيدفعون الثمن الأكبر، وفي المقابل، بإمكانهم درء هذا الخطر الداهم على أمن بلادهم بحال امتلكوا الجرأة والإرادة السياسية الكافية لوضع مصلحة شعوبهم فوق المصلحة الأميركية، والفرصة مهيأة لهم اليوم لإعادة حساباتهم، واتخاذ موقف سيادي موحد، يجنب القارة العجوز مخاطر العبث الأميركي الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين.
