الوصف السياسي للعلاقة الحالية والمحيرة بين الرئيسين أردوغان وجو بايدن هذه الأيام وخاصة حول الملف السوري، وربما منذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض.. هو “عندما تتعامل مع أردوغان قد ينتهي الأمر بك إلى الدراما”.. حيث كانت تتطاير إشارات الاستفهام حول الموقف السياسي للرئيس الأميركي، وهو يرى أردوغان يصافح موسكو ويشتري منها الـ (اس ٤٠٠) ويقبل وجنتها للوساطة في الحرب الأوكرانية، ويذهب معها للصلح في سورية هكذا دون حساب لأميركا، وكأنه أي أردوغان لم يكن ضمن مشاريع واشنطن يوماً، ولا حتى يجلس في الحجر الأطلسي ويحمل لقب ثاني قوة قي الناتو.
الكل الدولي مندهش من هذه الانعطافة التركية نحو روسيا. يقول إبراهيم قالن، المستشار الرئاسي لأردوغان: “تحاول تركيا إدارة سياسة خارجية بزاوية ٣٦٠درجة.. ولا نريد تفضيل أي قضية أو جهة فاعلة أو منطقة أو بلد معين على الآخرين”.
وبهذا قد تبقى كل الخيارات والتوقعات مفتوحة أمام تركيا التي يحاول رئيسها لملمة الأوراق الانتخابية له دولياً وإقليمياً والحصول على ما يمكن الحصول عليه بخطوة نحو واشنطن وخطوات نحو موسكو، فالرجل يلعب ببراغماتية عالية، وينتظر أن تقدم له واشنطن بعض الهدايا لإبطاء خطواته مع روسيا في طريق المصالحة التركية السورية.
دمشق تريد اختبار الجدية التركية، لذلك أعلنت أن المصافحة مع الجار التركي يجب أن تتم فوق ميدان نظيف من الاحتلال التركي والدعم للإرهابيين ولأن المسألة معقدة على أردوغان وتحتاج منه تحديد الموقف الأميركي في خروجه من سورية.. يحاول الرئيس التركي إثبات حسن النية بالتشاور حول فتح الطريق الدولية الـ (إم 4) فالسلطان لا يريد أن يخسر ورقة المصالحة مع دمشق، لأنها الأقوى انتخابياً بالنسبة له ولكن فتح الطريق الدولي لا يعني أن دمشق ستفتح أبوابها للصلح، بل تنتظر ما سيفعله اردوغان بعد.. وما مصيره.. خاصة إن لم تعطه واشنطن صوتها.. فالأسئلة تدور ما إذا كان جو بايدن سوف يوالي السلطان في الانتخابات الرئاسية التركية أم إنه سيعلن انقلاباً عليه شبيهاً بالانقلاب الذي مضى كما يدعي اردوغان ولكن هذه المرة في صندوق انتخابه!
لطالما تعامل بايدن مع أردوغان بحذر وحيادية ولم يكن يستقبله او حتى يحاكيه عبر مساعديه إلا عندما يتعلق الأمر بهجوم يشنه أردوغان هنا في المنطقة أو في أوروبا .. الزواج بين اردوغان والغرب ليس سعيداً لكنه ضروري حتى يتبين بايدن إن كان أردوغان سيذهب أو يبقى بعد انتخاباته وإن كان الرئيس الأميركي لا يحب رؤية بهلوان سياسي يلاعبه وضمن الحلف الأطلسي، هي مرحلة انتخابية لأردوغان ولكنها كشفت الأضواء عن أن حلفاء واشنطن ليسوا أوفياء أو حتى مقتنعين بها لدرجة أن الابتزاز ربما هو عنوان الحملة الانتخابية لأردوغان دولياً!.
السابق