هنادة سمير:
12 عاماً ونيف، ولايزال النجاح يرافق مسيرتها؛ كيف لا وقد جعلت دأبها وهاجسها إطلاق مكنونات النشء الجديد من أبنائنا من طاقات ومواهب إبداعية في مسارات جديدة بعيداً عن المناهج المدرسية التقليدية فكان عنوانها التميز والإبداع وسمتها التجدد الدائم في طرح تحديات يتسابق من خلالها شبابنا وفتيتنا وأطفالنا على إظهار مالديهم من قدرات في إطار رحلة ممتعة من المنافسات.
هيئة التميز والإبداع مؤسسة وطنية مستقلة ترتبط بوزير التعليم العالي يديرها مجلس أمناء برئاسة الوزير وعدد من الهيئات البحثية، تعمل من خلال الإدارات الثلاث التي تتبع لها والمتمثلة في الأولمبياد العلمي السوري والمركز الوطني للمتميزين والبرامج الأكاديمية على اكتشاف مواهب التميز الواعدة واحتضانها ورعايتها وتطويرها بالتدريب والتأهيل والمشاركة في المعسكرات والمسابقات المحلية والدولية والعالمية للوصول بها إلى درجة تحقيق الإنجازات الدولية والعالمية في مشروع صناعة أجيال قادرة على بناء الوطن بتميزها العلمي وإبداعها الفكري وهي تسعى إلى إطلاق الطاقات الشبابية الواعدة وتمكينها والاستثمار بها من أجل النهوض بمجتمع حضاري ومتطور، وفي سبيل تحقيق ذلك فهي مضطلعة بعدة مهام تتلخص في نشر الوعي وتمكين ثقافة التميز والريادة الفكرية.
تحفيز واستثمار الإبداع
إضافة إلى تدريس الطلبة المتميزين الحائزين على شهادة التعليم الأساسي، وتقديم الرعاية العلمية لهم من خلال مناهج خاصة وبرامج إثرائية وبيئة تربوية وتعليمية ملائمة، ومتابعة مسارات الإبداع للطلبة وتقديم الدعم الكافي لاستثمار مواهبهم بالشكل الأمثل، وتوفير المستلزمات الضرورية لتحويل أفكار المبدعين إلى مشروعات واعدة قابلة للاستثمار كذلك تم وضع آليات التحفيز المعنوي والمادي لإطلاق الطاقات الكامنة لدى الطلبة المتميزين من خلال تقديم الجوائز وتقديم المنح للموهوبين والمبدعين والمتميزين ورعايتهم ودعم إجراء البرامج والبحوث والدراسات في اختصاصاتها.
89 شهادة وميدالية في 26 مشاركة دولية وعالمية
المهندسة لين القاسم مديرة إدارة الأولمبياد العلمي السوري بينت أن الأولمبياد عبارة عن مسابقات في اختصاصات الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء والمعلوماتية والروبوتيك والمناظرات والنمذجة الرياضية تتنافس فيها الدول سنوياً على مستوى عالمي، وتجري كل دولة تصفياتها على مدار العام ليتم في المرحلة النهائية من التصفيات الهرمية تشكيل الفريق الوطني الذي سيمثلها في المسابقات العالمية، حيث يخضع لمعسكرات علمية يتعمق من خلالها في المحاور العلمية في الاختصاص الذي اختاره.
وأضافت: إنه على مدى ١٢ عاماً من انطلاقة الهيئة حصدت أكثر من 89 شهادة وميدالية عالمية من خلال نحو 26 مشاركة دولية وعالمية إضافة إلى ما يزيد عن 547 خريجاً وأكثر من 10 آلاف مشارك، ومن خلال المشاركات في الأولمبيادات العالمية تكونت عائلة متميزة من طلاب الأولمبياد العلمي السوري القدامى الذين يتمتعون بخبرة ومهارة في التدريب والذين أصبحوا اليوم مدربين معتمدين لدى الهيئة وأعضاء في لجانها العلمية، ولهم مبادرات تطوعية على مستوى المحافظات لتنظيم عملية التدريب والتأهيل والتنسيق لإجراء مسابقات الأولمبياد العلمي.
وأوضحت أن هيئة التميز والإبداع لها شراكات علمية مع أرقى الهيئات العلمية في سورية من خلال عضوية أساتذتها في اللجان العلمية للأولمبياد العلمي والمسؤولة عن وضع استراتيجيات التدريب المعتمدة للأولمبياد وتوثيق المحتويات العلمية الناتجة عنها ليتم استثمارها في نشر ثقافة التميز ورعاية الموهبة لدى مؤسسات التعليم النظامي، مشيرة إلى تحسن المستوى العلمي للأولمبياد السوري حسبما تظهر مؤشرات الأداء التي تعتمدها الهيئة، وذلك من خلال المشاركات العالمية ونخبة الأساتذة الذين يشكلون قوام اللجان العلمية.
وقد حقق الأولمبياد العلمي السوري أفضل إنجازاته في العام ٢٠٢٢ الذي يعد عام الإنجازات فكانت حصيلته الأكبر على مستوى المشاركات العالمية من حيث النوعية، وكم الجوائز التي حققتها الفرق الوطنية تكللت بـ20 جائزة هي عبارة عن ميدالية فضية واحدة للمرة الأولى في مشاركة مميزة من فريق علم الأحياء و٨ ميداليات برونزية و١١ شهادة تقدير ومشاركة مميزة لفريق علم الأحياء كما نالت فرقنا المركز الأول على مستوى الدول العربية.
وبينت القاسم أن نجاح الأولمبياد على مدى السنوات السابقة في اكتشاف وتبني المواهب العلمية والنتائج المحققة قاد الهيئة للتفكير في استهداف فئات عمرية أصغر سناً انطلاقاً من رؤيتها في أهمية اكتشاف المهارات والمواهب في سن مبكر كما اثبتت الدراسات انه الطريق الامثل لرعاية هذه المهارات والمواهب والوصول بها إلى التميز مع اعتبار كل متميز هومشروع يحتاج لسنوات من المتابعة والدعم ورسم المسار العلمي الصحيح، فكان أولمبياد اليافعين الذي حقق منذ انطلاقته التجريبية قبل نحو عامين نتائج متميزة في مواد الرياضيات وعلم الأحياء والفيزياء والكيمياء، وهو يستهدف الطلاب من الصفين السابع والثامن وتقام منافساته على ثلاث مراحل ترصد مهارات التحليل الرياضي والتفكير المنطقي ضمن المعارف العلمية الموجودة في المنهاج العام وتشمل علوم الرياضيات الفيزياء الكيمياء والعلوم الطبيعية وتقام على ثلاث مراحل وتدرس الهيئة حالياً استهداف فئات عمرية أصغر لضمها إلى منافسات الأولمبياد والكشف عن المواهب العلمية لديها.
وأوضحت أن إدارة الأولمبياد العلمي تشرف على إجراء العديد من المسابقات الأخرى منها: المناظرات المدرسية والروبوتيك وتحدي بيبرس، أما مشروع المناظرات الوطنية المدرسية فيهدف إلى الإسهام في بناء مجتمع يمتاز بحواره البناء والتحفيزي والممنهج انسجاماً مع مهام الهيئة في تمكين ثقافة التميز والريادة الفكرية وتنمية الفكرالإبداعي وتنشيط الحوار المبني على مفاهيم سليمة ليقرب الأفكار وينميها لتكون شرطاً أساسياً لتقدم المجتمع وازدهاره، لافتة إلى أن هناك أيضاً المسابقة المدرسية للمعلوماتية التي تستهدف خلق حالة من التدريب البرمجي المستدام عن طريق تحفيز وتكريم المدربين والمتدربين، إضافة إلى منحهم فرص التأهل الى الفرق العالمية، والكشف عن المتميزين في هذا المجال من طلاب المدارس من مختلف الأعمار والعاملين والمهتمين بالتعليم المعلوماتي النخبوي والمشاركة في المسابقات العالمية من خلال المسار الأكاديمي، وتتألف من ثلاث مراحل تتضمن: المعايرة والتصفية والمرحلة النهائية المؤهلة للانضمام إلى الفريق الوطني للأولمبياد العلمي للفائزين الأوائل.
مركز المتميزين
وأكدت إدارة الهيئة سعيها من خلال المركز الوطني إلى خلق كوادر محترفة عالية الأداء تشكل ثروة وطنية مبدعة تكون نواة تساهم في تحقيق التنمية على كل المستويات، وتكون قادرة على سد النقص في الخبرات والمهارات اللازمة لتقديم حلول مبتكرة لمشكلات مجتمعية وتحديات مستقبلية، كل ذلك يأتي من خلال توفير البيئة التعليمية والنفسية والمادية والتربوية التي تمكن من التعلم الذاتي الفعال، وتنمية المهارات في المجالات المعرفية حيث يعمل المركز على تعزيز الإحساس بالمسؤولية المجتمعية ضمن إطار الالتزام بنقل المعرفة والخبرة المكتسبة.
وقد أحدث المركز الوطني للمتميزين بالمرسوم التشريعي رقم 45 لعام 2008 وتبلغ مدة الدراسة فيه ثلاث سنوات يعتمد أسلوباً مختلفاً في التدريس من خلال مناهج متقدمة وبرامج إثرائية يتم تطويرها باستمرار إضافة إلى تدريس اللغات الأجنبية بما يمكن الطالب من إتقانها بصفتها أداة للاطلاع على المستجدات العلمية والتقانية وتحفيز الطلبة للتعبير عن مواهبهم وإبداعاتهم ويتقاضى الطلبة أثناء دراستهم في المركز تعويضاً مالياً شهرياً كما يوفر المركز السكن الداخلي لجميع طلبته مجاناً فضلاً عن تامين كامل المتطلبات المعيشية الاخرى.
مركز عالمي في مسابقة الذكاء الصنعي
أما إدارة البرامج الأكاديمية فهي تمثل الثانية من سلسلة التميز الذي يبدأ في مركز المتميزين خلال دراسة التعليم الثانوي ليأتي دور الإدارة في احتضان خريجي المركز في الدراسة الجامعية بالإيفادات العلمية الداخلية ضمن الاختصاصات العلمية المحددة والخاصة بهم: (العلوم الطبية الحيوية- علوم وتقانة الليزر-هندسة الميكاترونيكس- هندسة المواد- هندسة المعلوماتية- هندسة الاتصالات- هندسة الطيران- هندسة النظم الإلكترونية- هندسة الروبوت والأنظمة الذكية)، وتتولى إدارة البرامج الأكاديمية رعاية ومتابعة الطلبة المتميزين في مرحلة الإيفاد للدراسات العليا خارج سورية بعد تخرجهم من الدراسة الجامعية والتحاقهم بعدد من الجامعات المرموقة، وهناك دفعة حالياً من الطلاب الموفدين خارجياً يشاركون في الأبحاث العلمية، وقد أحرز المهندس عمار علي المركز الأول عالمياً في مسابقة الذكاء الصنعي التابعة للإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي ووكالة «ناسا»، وهو خريج برنامج الميكاترونيك للمتميزين في جامعة تشرين، وموفد إلى جامعة «ايتمو» في مدينة سان بطرسبورغ الروسية لنيل إجازة الماجستير في هندسة الميكاترونيك الفضائية، ويتوقع وصول أول دفعة من الخريجين هذا العام لينضموا إلى الهيئات العلمية البحثية الوطنية ويسهموا في إثرائها بحصيلة معارفهم وخبراتهم.