الدبلوماسية الأميركية الروحية.. مخاطرها ومواجهتها في محاضرة

الثورة – متابعة عبد الحميد غانم:
في عصر طفرة التسميات والمصطلحات، التي تُعدّ إحدى أخطر التحدّيات الفكرية والثقافية التي تواجه أمتنا العربية ومشروعها التنموي التقدمي، كثُر استخدام مصطلحات مثل”الدبلوماسية الروحية” و”الولايات المتحدة الإبراهيمية”، و”السلام الديني العالمي”، خلال السنوات الأخيرة في خطاب الدبلوماسية العالمية وفي أدبيات بعض مراكز الدراسات والجامعات في الولايات المتحدة الأميركية و”إسرائيل”.
وجاءت هذه المصطلحات ضمن شعارات برّاقة، ظاهرها رحمة لكن مضمونها ظُلمة وتضليل، فهي تُستخدم لتوظّف الدين في خدمة السياسة الخارجية الأميركية والمشروع الصهيوني في المنطقة.
فمدرسة السياسة الواقعية، التي لطالما رفضت وجود أي دور للدين في العملية السياسية وحملت شعار فصل الدين عن الدولة، جاءت اليوم بمفهوم “الدبلوماسية الروحية”.
مفهوم يؤكّد أنّ الدين مصدر الصدام، قد تغيّر وتطوّر ليكون مدخلاً للحلّ والتسوية، وبدأ الحديث عن “السلام الديني العالمي” المقرّر الوصول إليه عبر مفهوم “الدبلوماسية الروحية” وما ستقدّمه من حلّ غير تقليدي للصراعات الدينية.
فحلّ طرح “الولايات المتحدة الإبراهيمية”، أو “الديانة الإبراهيمية”، يشير إلى أن الأديان السماوية الثلاثة تأتي ضمن مفهوم جديد لحل النزاعات والصراعات الممتدة والقائمة على أبعاد دينية متشابكة، أي “الدبلوماسية الروحية”، لتمثّل خلاله الديانة الإبراهيمية أحد أبرز أركان هذا المفهوم الجديد.
ضمن هذا الإطار، وبدعوة من مؤسسة القدس الدولية (سورية) واللجنة الشعبية السورية لدعم الشعب الفلسطيني، ومقاومة المشروع الصهيوني والفصائل الفلسطينية المقاومة بدمشق، ألقى الدكتور خلف المفتاح مدير عام مؤسسة القدس الدولية (سورية) اليوم محاضرة بعنوان (الدبلوماسية الروحية – الولايات المتحدة الإبراهيمية أنموذجاً – أبعادها ومخاطرها ومواجهتها)، بمناسبة يوم القدس الثقافي، وذلك في المركز الثقافي العربي بأبي رمانة، بحضور الدكتور صابر فلحوط رئيس اللجنة الشعبية السورية لدعم الشعب الفلسطيني، والدكتور سمير الرفاعي سفير فلسطين بدمشق، وممثلين عن الفصائل الفلسطينية المقاومة، ونخبة من السياسيين والمثقفين ورجال الدين والإعلاميين.
* المفتاح: مخطط لطمس القضية الفلسطينية..الدكتور المفتاح تناول بداية الأبعاد الخطيرة من وراء طرح هذه المصطلحات في إطار المشروع الأميركي الصهيوني، مشيراً إلى حوامل هذا الطرح الذي وجد صداه في الإعلام الغربي والأميركي والصهيوني وتسويقه في ظل تصاعد التطبيع السياسي مع الكيان الإسرائيلي.
وأكَّد أن غايات هذا المخطط هو طمس الهوية الفلسطينية وكل الهويات التي تشكل نسيج الأمة العربية، وإلغاء الحدود السياسية، وفرض مشروع بديل يناسب الأطماع الصهيونية والأميركية الغربية، وإحلال هوية صهيونية تتجاوز الرفض الشعبي والمحلي العربي من خلال استخدام ما يسمى بـ”الدبلوماسية الروحية”، وفرض كيان “الولايات المتحدة الإبراهيمية”، الذي لا أساس له لا سياسياً أو دينياً أو ثقافياً.
وأشار الدكتور المفتاح إلى أن هذا المشروع المعادي الذي تم فرضه على منطقتنا هو استكمال لخطوات المخطط الصهيوني على الوطن العربي، وانتزاع سمة القداسة للديانات السماوية، ووضع إطار شكلي تعرف بـ “الديانة الإبراهيمية” بما تنسجم مع الأكاذيب والأضاليل الصهيونية لتبرير قيام كيانها الاستيطاني الغاصب على أرض فلسطين، وإيجاد مبررات استمراره بعد زوال كل الحجج لقيامه على الأرض العربية.
ونوَّه المفتاح بأن هذا المشروع يتابع باهتمام من قبل دوائر صنع القرار الأميركي وعلى المستويات ليس في عهد الإدارة الأميركية الحالية بل من قبل الإدارات السابقة في القرن الحالي والسابق، والتي كان أحد أوجهها ما طرحه ترامب بما عرف “صفقة القرن”، وغيره من مشروعات ومخططات مثل مشروع الشرق الأوسط الكبير ومشروع الشرق الأوسط الجديد، أو ما طرحه أوباما بـ” دين السلام العالمي”، أو ما ذكره كوشنير في البحرين بـ”اتفاقات إبراهام”.
وتحدث الدكتور المفتاح عن سبل المواجهة لهذا المخطط الخطير الذي يتجاوز على حد رأيه الاحتلال العسكري لأنه يريد احتلال المنطقة، وإحلال “إسرائيل الكبرى”، فقال: إن المخطط يفرض علينا نحن العرب ضرورة التنبه لأبعاد هذا المخطط نظراً لاستهدافه للأمة العربية ويريد ابتلاعها، من خلال تفعيل المشروع القومي العربي وإحياء دوره المهم في مواجهة المشروع الصهيوني، وحث كل المنابر السياسية والحزبية والثقافية لفضح غايات هذا المخطط وتفنيد أضاليله وأكاذيبه.

وأكَّد على أهمية سورية ودورها الكبير باعتبارها الحاملة الأساس لهذا المشروع القومي والحريصة على مستقبل القضية الفلسطينية وحمايتها من المخاطر المحدقة إلى جانب الحراك الشعبي والشبابي والسياسي في الساحة العربية المناصر لسورية وفلسطين.
* د. شعيب: خطورة استخدام الدين في التوجهات السياسية..الدكتور حسام شعيب الذي أدار الحوار الفكري، نوَّه بخطورة هذا المخطط وتداعياته على مستقبل السياسة الأميركية في التعامل مع قضايا المنطقة وخاصة قضية فلسطين، وأن مناقشة هذا الموضوع يحتاج الكثير من الوقفات والدراسات والندوات السياسية والثقافية لتبيان مخاطره للعرب أولاً وللعالم.
وأشار شعيب إلى أهمية تناوله في القنوات الفضائية الإعلامية، كون هذا المخطط يلتقي مع مخططات ظهرت في المنطقة، مثل “داعش” التي ألغت الحدود كما يدعو مخطط ” الدين الإبراهيمي”، وكذلك توقيف الديانات السماوية الثلاث وتوحيد الصلاة، كما حصل خلال أزمة كورونا، ونوَّه الباحث شعيب بخطورة استخدام دور الدين في التوجهات السياسية الأميركية والصهيونية والغربية في المنطقة، كما قامت بذلك بعض الجهات الغربية بإنتاج تنظيمات مرتبطة بالمخطط المعادي للمنطقة تحت ستار الدين ( القرضاوي إنموذجاً).
وتساءل المتحدثون من الحضور عن أي دور تفرضه هذه التحديات، ونوَّه العديد بمقترحات حول ضرورة حشد الأحزاب والشباب ورجال الدين والتعاون لإيجاد صيغة مثلى للرد على تلك الأكاذيب والأضاليل الصهيونية والأميركية والتوجه إلى الأجيال لمتابعة مسيرة التحرير ومقاومة المشروع الصهيوني.
وتحدث الدكتور نبيل طعمة عن مخاطر هذا المخطط وارتباطه بالمشروع الصهيوني قبل قيام الكيان الإسرائيلي، وأن طرحه مجدداً مرتبط بالتطورات العالمية الجديدة ومحاولة الصهيونية بالتنسيق مع الولايات المتحدة تحقيقه على الأرض مثلما فعلت عند قيام الكيان الاستيطاني.
الدكتور هاني الخوري أشار بدوره إلى أن المشروع الصهيوني الذي يروج مع الأميركان حول ما يدعى بجينات اليهود ثبت بطلانها عالمياً وإقليمياً، وصدرت العديد من الدراسات والبحوث والكتب التي تفند ألاعيب وأكاذيب تحدث في الولايات المتحدة حول وجود جينات خاصة باليهود، وما الحديث عن التفوق الإسرائيلي إلا ادعاءات لا أساس لها في الواقع وإنما غايته إكمال المشروع الصهيوني.

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم