أغلب التوجيهات والبلاغات الحكومية تدعو إلى تبسيط الإجراءات وتسهيلها أمام المراجعين حتى أصبح هاذا التوجه شعاراً لدى أغلب الجهات العامة إلا أن الاستجابة تنفيذياً ليست على المستوى المطلوب ولا تتناسب مع التوجيهات التي يراها الكثيرون أنها في الظاهر فقط…
ما دفعني للتطرق لهذا الأمر هو التعميم الأخير لمصرف سورية المركزي والذي تضمن توجيه كافة المصارف العاملة في الجمهورية العربية السورية لاتخاذ الإجراءات اللازمة بتبسيط عملية فتح الحسابات الجديدة أو تفعيل الحسابات الجامدة بالسرعة الممكنة، وتعديل السياسات والإجراءات المعتمدة لديها وفقاً لذلك وقد جاء في التعميم أن ذلك يأتي في إطار الجهود المبذولة من قبل مصرف سورية المركزي لتسهيل الإجراءات أمام المواطنين بهدف زيادة فرص النفاذ المالي ونشر الوعي لدى كافة المواطنين لأهمية التعامل مع القنوات المصرفية.
من له تعامل مع المصارف التابعة للقطاع العام يدرك أن الواقع مختلف عما جاء فيه التعميم وهنا قد يجد البعض أن هذا هو جوهر التعميم ومضمونه وبالتالي الواقع يؤكد أن بعد هذا الإجراء سيتم معالجة المشكلة وتجاوزها إلا أن المطلع لواقع الحال يدرك أن المشكلة أعقد بكثير ومعالجتها بحاجة لأكثر من هذا التوجه سيما وأن المشكلة لها علاقة بتوافر الإمكانات والبنية التحتية بدءا من الكادر ومروراً بالشبكة المعلوماتية وليس انتهاءً بتوافر التيار الكهربائي…
المصارف الحكومية التي حققت قفزة ملحوظة في سنوات ماقبل الحرب من حيث تحديث أساليب عملها ومقراتها وتأهيل كوادرها ليست بخير اليوم وذلك عائد للعقوبات والحصار المفروض ناهيك عن معاناتها كأي قطاع من قطاعات الحكومة وذلك تزامناً مع التوجه والتحول نحو نمط الخدمات الإلكترونية وإصدار مجموعة من الإجراءات التي فرضت إجراء تعاملات البيع والشراء بالنسبة للعقارات والمركبات من خلال المصارف الأمر الذي عرض تلك المصارف لضغط كبير غير متناسب مع إمكانياتها ولا مع بدلات وحوافز موظفيها…
التعميم الذي نحن بصدده ضعيف من حيث أن صدر من قبل مصرف سورية المركزي المعني بالمصارف السورية عملياتياً إلا أن المصارف العامة تتبع إدارياً وتنظيمياً ومالياً لوزارة المالية وعليه فإن مستلزمات تنفيذه وتطبيقه ليست في صلاحية المركزي إنما في نطاق عمل وزارة المالية والتي قد تقف موقف المتفرج لتصبح مسألة التطبيق مجهولة النتائج…