حسناً فعلت وزارة السياحة عندما قررت بالتعاون مع وزارات الثقافة والصناعة والأوقاف واتحاد الحرفيين بتأمين موقع بديل مناسب لاستمرار عمل حرفيي المهن اليدوية من شيوخ الكار والمدربين في التكية السليمانية، تمهيداً لترميم هذا الموقع التاريخي والتراثي ليستمروا في عملهم ضمن موقع حاضنة دمر التراثية بدمشق التي تضم عشرات الحرفيين وشيوخ الكار، على أن يعودوا إلى مواقعهم بعد انتهاء أعمال الترميم.
ومناسبة الحديث عن الخطوة تحمل أكثر من بعد، أولها النظرة البعيدة لبقاء واستمرارية عمل هؤلاء الحرفيين من خلال اتخاذ القرار بتأمين مكان عمل مناسب وثابت لهم قبل البدء في مشروع الترميم، وليس العكس البدء بالترميم ومن ثم مواجهة شكاوى ومشكلات الحرفيين في تأمين مكان لاستمرار عملهم، وهذا مؤشر جيد ينم عن تفكير سليم في طريقة إدارة المشروع يرضي جميع الأطراف ويحفظ قيمة الحرفة.
بينما هنالك أمثلة كثيرة في أماكن اتخذت فيها قرارات تحتاج إلى دراسة وافية وساهمت في خسارة على الطرفين الحكومي والمواطن، ومنها مثلاً تأمين السكن البديل لمنتسبي مشروع ماروتا سيتي خلف الرازي ريثما ينتهي المشروع، فكم من الأعباء المادية خلفت هذه الخطوة من دون تأمين سكن مستقر للمستفيدين من المشروع إضافة للتغيرات المادية نتيجة التراكم الزمني.
نستطيع أن نحصي أمثلة عديدة ناجحة في الحفاظ على عمل الحرفيين والصناعيين، وأيضاً نستطيع أن نرى أمثلة كثيرة في قرارات متسرعة تسببت في تخلي بعضهم عن المهنة أو الحرفة التي تسهم في رفد الاقتصاد الوطني وتؤمن معيشة أسر عديدة يعمل معيلوها في تلك المهن التراثية.
المهم.. الحفاظ على التراث كقيمة ثقافية من جهة وقيمة اقتصادية مادية من جهة أخرى، فبقاء المعالم الأثرية وامتدادها في عمق السنين يضفي إليها قيمة أثرية ومادية تجعلها قبلة للسياحة والسياح للمجيء إلى سورية والتعرف على أبرز معالمها.
بالتأكيد تلك المعالم تبرز قيمتها وجوهرها عندما تترافق مع العامل الإنساني الذي يعطي الحياة للحجر، ويغني القيمة التراثية بالقيمة الاقتصادية من خلال إضافة أعمال حرفية وصناعية لم تفلح الحروب المتوالية عبر التاريخ على بلدنا سورية بدثرها، وبقيت تلك الحرف معلماً ومقصداً مهماً في تراث بلدناً، ومن أجل ذلك فإن أهمية ترميم التكية السليمانية لاتقل أهمية عن عودة حرفيي وشيوخ الكار إلى سوق الحرف اليدوية والتراثية بعد عملية الترميم .