شاعر وقصيدة… إبراهيم ناجي

الملحق الثقافي- علي حبيب:

ولد الشاعر إبراهيم ناجي في حي شبرا بالقاهرة في اليوم الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر في عام 1898، وكان والده مثقفاً مما أثر كثيراً في تنمية موهبته وصقل ثقافته، وقد تخرج الشاعر من مدرسة الطب في عام 1922، وعين حين تخرجه طبيباً في وزارة المواصلات، ثم في وزارة الصحة، ثم مراقباً عاماً للقسم الطبي في وزارة الأوقاف.
– وقد نهل من الثقافة العربية القديمة فدرس العروض والقوافي وقرأ دواوين المتنبي وابن الرومي وأبي نواس وغيرهم من فحول الشعر العربي، كما نـهل من الثقافة الغربية فقرأ قصائد شيلي وبيرون وآخرين من رومانسيي الشعر الغربي.
– بدأ حياته الشعرية حوالي عام 1926 عندما بدأ يترجم بعض أشعار الفريد دي موسييه وتوماس مور شعراً وينشرها في السياسة الأسبوعية، وانضم إلى جماعة أبولو عام 1932م التي أفرزت نخبة من الشعراء المصريين والعرب استطاعوا تحرير القصيدة العربية الحديثة من الأغلال الكلاسيكية والخيالات والإيقاعات المتوارثة.
– وقد تأثر ناجي في شعره بالاتجاه الرومانسي كما اشتهر بشعره الوجداني، وكان وكيلاً لمدرسة أبولو الشعرية ورئيساً لرابطة الأدباء في مصر في الأربعينيات من القرن العشرين.
وقد قام ناجي بترجمة بعض الأشعار عن الفرنسية لبودلير تحت عنوان أزهار الشر، وترجم عن الإنكليزية رواية الجريمة والعقاب لديستوفسكي، وعن الإيطالية رواية الموت في إجازة، كما نشر دراسة عن شكسبير، وقام بإصدار مجلة حكيم البيت، وألّف بعض الكتب الأدبية مثل مدينة الأحلام وعالم الأسرة وغيرهما.
– واجه نقداً عنيفاً عند صدور ديوانه الأول من العقاد وطه حسين معاً، ويرجع هذا إلى ارتباطه بجماعة أبولو وقد وصف طه حسين شعره بأنه شعر صالونات لا يحتمل أن يخرج إلى الخلاء فيأخذه البرد من جوانبه، وقد أزعجه هذا النقد فسافر إلى لندن وهناك دهمته سيارة عابرة فنقل إلى مستشفى سان جورج وقد عاشت هذه المحنة في أعماقه فترة طويلة حتى توفي في الرابع والعشرين من شهر مارس في عام 1953.
– وقد صدرت عن الشاعر إبراهيم ناجي بعد رحيله عدة دراسات مهمة، منها: إبراهيم ناجي للشاعر صالح جودت، وناجي للدكتورة نعمات أحمد فؤاد، كما كتبت عنه العديد من الرسائل العلمية بالجامعات المصرية.

ومن أشهر قصائده قصيدة الأطلال التي تغنت بها أم كلثوم ولحنها الموسيقار الراحل رياض السنباطي.

ومن دواوينه الشعرية :
وراء الغمام (1934)، ليالي القاهرة (1944)، في معبد الليل (1948)، الطائر الجريح (1953)، وغيرها. كما صدرت أعماله الشعرية الكاملة في عام 1966 بعد وفاته عن المجلس الأعلى للثقافة.

بي ما تحسّ وفي فؤادكِ ما بي

فتَعال نبكِ أيا نجيَّ شبابي

أنكرت بي ناري عشية لاَمَسَتْ

شفاتي مِنْكَ أناملَ العنابِ

وسألتَ ما صمتي وما اطراقتي

وعَلاَم ظلَّت حيرة المرتابِ

أقبِلْ لأقسمَ في حياتي مرةً

إن الذي أُسقاه ليس بصابِ

مَنْ أنتَ؟! من أيِّ العوالم ساخرٌ

مستأثرٌ بأعنة الألبابِ؟

ما يصنع الملكُ الطهورُ بعالَمٍ

فانٍ وأيَّامٍ كلمع سرابِ؟

دوَّارةً أبدَ السنين كعهدِها

من ليل آثامٍ لصبح متابِ

يا هيكل الحسنِ المبارَك ركنه

الساحر النور الطهور رحابِ

قدمتُ قرباني إِليك بقية

من مهجةٍ ضاعت على الأحبابِ

حدَّثتُ نفسي إِذ رأيْتُكَ بادياً

وأطَلْتَ تسآلي بغير جوابِ

ما يصنع الملكُ الطهورُ بعالَمٍ

فإنٍ وأيَّامٍ كلمع سرابِ؟

ما يصنع الأبرارُ بالأرض التي

ساوت من الأبرار والأوشابِ؟

دوَّارةً أبدَ السنين كعهدِها

من ليل آثامٍ لصبح متابِ

تغلو الحياة بها إلى أن تنتهي

عند التراب رخيصةً كترابِ!

يا هيكل الحسنِ المبارَك ركنه

الساحر النور الطهور رحابِ

لا صدقَ إلاَّ في لهيبك وحده

وجلالُه الباقي على الأحقابِ

قدمتُ قرباني إِليك بقية

من مهجةٍ ضاعت على الأحبابِ

وَأَذبْتُ جوهَرَهَا فدَاءَ نَوَاظِر

قُدْسِيَّةٍ، عُلويّةِ المحرابِ!

إبراهيم ناجي إبراهيم ناجي

قلب راقصة
أمسيتُ أشكو الضيقَ والأنيا

مشغرقاً في الفكرٍِ والسأمِ
فمضيتُ لا أدري إلى أينا

ومشيت حيث تجرّني قدمي
فرأيتُ فيما أبصَرَتْ عيني

مَلهيً أعِدَّ ليبهجَ الناسا
يجلون فيه فرائدَ الحسنِ

ويباع فيه اللهو أجناسا
بغرائب الألوان مزدهر

وتراه بالأضواء مغموراً
فقصدته عَجِلاً ولي بصرٌ

شبه الفراشة يعشق النورَا!
ودخلتهُ أجتازُ مزدحماً

بالخَلق أفواجاً وأفواجا
وأخوضُ بحراً بات ملتطماً

بالناس أمواجاً وأمواجا
فقدوا حجاهم حينما طربوا

ودووا دويَّ البحرِ صخّابا
فإذا استقرّوا لحظةً صخبوا

لا يملكون النفسَ إعجابا
متوثبين يميلُ صفُهم

متطلعَ الأعناق يتقدُ
ومصفين عَلَتْ أكفُهم

فوّارةً فكأنها الزبدُ!
لِمَ لا أثورُ اليومَ ثورتهم؟

لِمَ لا أضجُّ كما يضجونا؟!
لِمَ لا تذوق كؤوسَهم شفتي؟

إنَّ الحجا سُمّي وتدميري
في ذمةِ الشيطانِ فلسفتي

ورزانتي ووقارِ تفكيري!
يا قلبُ! ضقتَ وها هنا سعةٌ

ومجالٌ مصفودٍ بأغلال
أتقول أعمارٌ مضيعة؟!

ماذا صنعت بعمرك الغالي؟!
أنظر ترَ السيقان عاريةً

وترَ الخصورَ ضوامراً تغري
وتجدْ عيون اللهو جارية

فهنا الحياة! وأنت لا تدري
مَنْ هذه الحسناءُ يا عيني؟

السحرُ كلَّلها وظلَّلها
كالطيرِ من غصنٍ إلى غصنِ

وثّابةَ، وثب الفؤاد لها!
تراه حسناً غيرَ كذابِ

لا ما يزيفه لك الضوء
ويزيد فتنتَها باغرابِ

حزنٌ وراءَ الحسن مخبوءُ!
ثم اختفتْ والجميعُ يرقبها

ويلحُّ: عودي! ليس يرحمها
هي متعةٌ للحسِّ يطلبها

وأنا بروحي بتُّ أفهمُها!
ورأيتُها في آخر الليلِ

في فتيةٍ نصبوا لها شركا
يعلو سناها الحزنُ كالظل

مسكينة تتكلّفُ الضحكا
فمضيتُ توّاً، قلت: سيدتي!

زنتِ المراقص أيّما زين!
هل تأذنين الآن ساحرتي

تأكيدَ إعجابي بكأسين؟
فتمنّعت وأنا ألحّ سديً

بالقول أغريها وأعتذر
فاستدركتْ قالت: أراك غداً

إن شئتَ. إني اليوم أَعتذر
وتحوَّلت عني لرفقتها

ما بين منتظرٍ ومرتقبِ
فتَّانة تغري ببسمتِها

وتحدّدُ الميعادَ في أدبِ
حان اللقاءُ بغادتي وأنا

أخشى سراباً خادعاً منها
متلهفاً أستبطىءُ الزمنا

وأظل أسأل ساعتي عنها
وأجيل عينَ الريب ملتفتاً

متطلعاً للباب حيرانا
وأقول: ما يدريك أي فتى

هي في ذراعيْ حبه الآنا!
مَنْ ذا يُصدّقُ وعدَ فاتنة

لا ترحمُ الأرواحَ إتلافا
أنثى تلاقي كل آونةٍ

رجلاً وترمي الوعدَ آلافا
وهمتُ بعد اليأسِ أن أمضي

فإذا بها تختالُ عن بُعدِ
ميّزتها بشبابها الغضِّ

وبقدِّها، أُفديه من قدِّ!
يا للقلوب لملتقى اثنين

العدد 1131 – 7-2-2023

آخر الأخبار
تضم بقايا عظام حوالي 20 ضحية اكتشاف مقبرة جماعية في قبو بمنطقة السبينة بريف دمشق الأوروبيون: ملتزمون بتعزيز أمن أوروبا وإحلال السلام الدائم في أوكرانيا مؤسسات تعليمية وتربوية واعية لبناء الدولة.. القاسم لـ"الثورة": خطى حثيثة للنهوض بواقع التعليم في حلب لماذا أعجبت النساء بالرئيس أحمد الشرع؟ مدارس درعا بلا مازوت..! حوار جامع ومتعدد أرباحه 400%.. الفطر المحاري زراعة بسيطة تؤسس لمشروع بتكاليف منخفضة المحاصيل المروية في القنيطرة تأثرت بسبب نقص المياه الجوفية الخبير محمد لـ"الثورة": قياس أثر القانون على المواطن أولاً قوات الآندوف تقدم خمس محولات كهربائية لآبار القنيطرة إحصاء أضرار المزروعات بطرطوس.. وبرنامج وصل الكهرباء للزراعات المحمية تنسيق بين "الزراعة والكهرباء" بطرطوس لوقاية الزراعة المحمية من الصقيع ٥٥ ألف مريض في مستشفى اللاذقية الدوريات الأوروبية الإنتر وبرشلونة في الصدارة.. وويستهام يقدم هدية لليفر روبليف يُحلّق في الدوحة .. وأندرييفا بطلة دبي مركز متأخر لمضربنا في التصفيات الآسيوية هند ظاظا بطلة مهرجان النصر لكرة الطاولة القطيفة بطل ودية النصر للكرة الطائرة مقترحات لأهالي درعا لمؤتمر الحوار الوطني السوري "أنتم معنا".. جدارية بدرعا للمغيبين قسراً في معتقلات النظام البائد