لم تكن سورية بحاجة لكارثة مؤلمة بحجم زلزال السادس من شباط حتى تبرهن للعالم عقم وكذب الشعارات الإنسانية التي تتشدق بها واشنطن طوال الوقت، فقد تكفلت بذلك نحو اثنتي عشرة سنة من حرب إرهابية قذرة على سورية كانت الولايات المتحدة الأميركية المايسترو المتحكم بكلّ تفاصيلها وويلاتها، من دعمها للفوضى واحتضانها للإرهاب وصولاً إلى استقدام داعش وباقي التنظيمات الإرهابية والمرتزقة إلى سورية، إضافة إلى تشجيع بعض المليشيات المسلحة كقسد على الانفصال عن الوطن الأم، وكذلك احتلال أجزاء غالية من شمال شرق سورية وسرقة ثرواتها النفطية، عدا عن شن العدوان تلو العدوان على السوريين تحت عناوين وذرائع واهية، وتلفيق مختلف التهم الكاذبة بحقّ الجيش العربي السوري والدولة السورية من أجل تشويه صورتيهما وحشد المجتمع الدولي ضدهما، وأخيراً وليس آخراً خلق مختلف العراقيل والمطبّات في وجه الحل السياسي الذي ينهي الأزمة والحرب في سورية.
آخر أضاليل واشنطن بشأن سورية هو ادعائها تعليق الإجراءات القسرية المتخذة تحت عنوان ما يسمى :”قانون قيصر” لستة أشهر من أجل السماح بوصول المساعدات الإنسانية الدولية والتحويلات المالية إلى المنكوبين بالزلزال، وكأن العالم أعمى لا يستطيع رؤية قوافل الصهاريج الأميركية التي تسرق النفط السوري بشكل يومي في أوج حاجة السوريين إليه لأغراض التدفئة والإنارة وتنشيط حركتي الزراعة والصناعة وبقية الأنشطة الاقتصادية والخدمية، فما ارتكبته واشنطن في سورية على مدى السنوات الماضية شكّل نكبة معيشية هائلة بحقّ السوريين ساهمت بزيادة وطأة الكارثة الزلزالية ورفعت من منسوب المعاناة، وأثرت كثيراً في قدرة السوريين على مواجهة ظروف الكارثة.
ربما تتجاهل واشنطن عن عمد أنها تسببت بمقتل أكثر من مليون طفل عراقي نتيجة حصارها للعراق في تسعينات القرن الماضي، وهي بلا شك جريمة ضد الإنسانية، فكيف ستقنع العالم بأن “تخفيف” إجراءاتها القسرية الظالمة بحقّ السوريين وهي التي تحتل أرضهم وتنهب ثرواتهم ، بأنه ضرب من ضروب الإنسانية، لعمري أنه ضرب من ضروب الخداع الوقحة التي تشتهر بها واشنطن، وكم ينطبق عليها المثل القائل :”تقتل القتيل وتمشي في جنازته”…!