تخطينا المرحلة الأولى لكارثة الزلزال والتي كان الوقت هو العامل الأهم فيها، حيث تسابق الجميع لإنقاذ الناس من تحت الأنقاض وانتشال جثامين الضحايا، فصنع السوريون بتكافلهم وتضامنهم مشهداً إنسانياً بطولياً ارتد صداه نخوة لدى الأشقاء والأصدقاء الذين حضروا بإنسانيتهم قبل كل اعتبار.
المرحلة القادمة بكل أزمنتها القريبة والبعيدة رسمها السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته المتلفزة أمس عندما قال: “يجب علينا متابعةُ التعامل مع تداعيات الزلزال بحسب تسلسلها.. فبعد تجاوز مرحلة الإنقاذ وتأمين مراكز الإيواء الطارئة وتأمين المستلزمات الأساسية من غذاءٍ وكساءٍ ودواء، فقد بدأت المؤسسات الحكومية المعنية بالعمل على توفير المساكن المؤقتة، ريثما يتم تأمينُ المساكنِ الدائمةِ في مرحلة لاحقة.. وحالياً تتِم دراسة تأسيس صندوق لدعم المتضررين بهدف مساندتهم ريثما يتمكنوا من استعادة قدراتهم الحياتية بجوانبها المختلفة، وذلك بعد الانتهاء من إحصاء الأضرار، ووضعِ المعايير لتحديد المشمولين وأسس الدعم.. كل ذلك بالتوازي مع العمل السريع للجم التراجع الاقتصادي الذي يصيب عادة المناطق المنكوبة ويؤثر على الاقتصاد الوطني بشكل عام، عبر إصدار التشريعات واتخاذ الإجراءات التي تخفف الأعباءَ الاقتصاديةَ عن أهلها وتسرع دورة الاقتصاد فيها، والتي تم البدء بدراستها قبل عرضها من أجل النقاش واتخاذ القرارات المناسبة خلال الأيام القليلة القادمة”.
المرحلة القادمة حددها الرئيس الأسد وركز على القيم والمبادئ والأخلاق التي ظهرت في التعاطي مع كارثة الزلزال وهذا سيكون المعيار والرهان لنجاح المرحلة المقبلة التي تحتاج لكثير من الإرادة والأشخاص الشرفاء، ويتطلب خططاً ودراسات متكاملة لا ترقيعية مرتبطة بتوفر الاعتمادات، خطط مرحلية تتجاوز أخطاء الماضي وتلبي تطلعات المستقبل، وهذا بدوره يستوجب تكليف إدارات متميزة تتمتع بالصفة وتمتلك القدرة والابتكار على تنفيذ المشاريع ومواصفاتها ومددها الزمنية.
نجح السوريون قيادة وحكومة وشعباً في التعاطي مع الكارثة نجاحاً باهراً، فعلى الجهات المعنية أن تجتهد بقدر عالٍ من المسؤولية كي لا تُضيع شهامة هذا الشعب، وكي لا تدفن صور التكافل الاجتماعي، وكي لا تقتل الضحايا مرة أخرى.
معد عيسى