في الأزمات والملمات تظهر المعادن، وربما هذه الأيام التي تمر على سوريتنا أثبتت من هو السوري، وأن المصائب مهما كبرت مازادتنا إلا إيماناً بالوطن ورسالته، ففي كل مكان من على هذه الأرض ورغم الحزن الذي يحيط بنا ترى أيضاً ما هو أصيل وراق وإنساني وحضاري.
لو تحدثنا شهوراً لن نفي الكثيرين حقهم بدءاً من الذين ذهبوا مسرعين لإنقاذ أرواح هرقت بفعل الزلزال يمدون يد العون لهم، إلى رجال الجيش إلى الطلاب إلى المهندسين إلى العمال إلى … الذين زاد عطاؤهم وتضاعفت إنسانيتهم وتخلوا عن ذواتهم لأنهم يدركون أننا في أزمة، هؤلاء يعرفون ويدركون أن أبناء الوطن جسد واحد، وروح واحدة، تجمعهم المحبة والتكاتف والتعاضد منذ آلاف السنين.
في سني الحرب على سورية سجل السوريون أنهم صمدوا وصبروا وقاتلوا في ميادين الحياة وعلى جبهاتها المختلفة ليحققوا النصر العظيم على الإرهاب، صمدوا في مدارسهم وجامعاتهم وأماكن عملهم وبيوتهم ليثبتوا للعالم أنهم أبناء الحياة وأنهم أقوى من المتآمرين وأصلب من المؤامرة.
اليوم وكل يوم ترى السوري كلاً من مكان عمله يعمل كخلية نحل لاتعرف التباطؤ أو التوقف، ترى ورشات العمل تكشف عن البيوت والمباني ليتم معالجتها خوفاً على أرواح السوريين، ترى المعنيين في الوزارات يعملون ليلاً نهاراً لرفع الأنقاض وتهيئة الأماكن المتضررة جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم على مواقعنا الثقافية والحضارية والعلمية وذلك لاستمرار الحياة التعليمية والثقافية في كل مكان.
كل مانراه هو عناوين عريضة للدلالة على التمسك بالوطن وترابه وبقراره الذي ينطق أن سورية كانت ولا تزال أم الدنيا وبوابة الشرق وعمود السماء.
سيخرج السوريون من محنتهم، ويضعون النقاط على الحروف، وسيختفي أبطال المسرح التآمري ليُركنوا في الزوايا المنسية، ليسجل التاريخ أن سورية كانت وماتزال ركناً أساسياً من أركان العالم، موطناً جديداً قادراً ومقتدراً، وأن للسفينة رباناً يقودها إلى شاطئ الأمان، والأيام شاهدة على ذلك.